يومنا هذا يوم لا يسعه التوصيف الدقيق له، وليس ذلك بسبب عدم وجود الوصف المناسب، وإنما بسبب حيرتي في إيجاد الوصف اللائق به.. يوم تعود فيه ذكريات كبارنا إلى اليوم الذي توحدت فيه بلادنا، على يد الوالد المؤسس، جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عنا خير الجزاء، ويوم تعود فيه ذكريات من بعدهم إلى أيام خلت، كانت فيها مناسبة (اليوم الوطني) تمر مرورا عاديا، غير مختلف عن غيره من الأيام؛ لأسباب كثيرة، لعل من أبرزها، ضيق الأفق، وقلة الإدراك، لجمال وجلال هذه المناسبة الغالية؛ وحُرمنا، وكما يقال (هرمنا)، من أجل أن نفرح كما ينبغي بهذه المناسبة، وحق لنا أن نفرح، وخصوصا في هذه الأيام التي تراكمت فيها الحوادث والمناسبات، وتسارع فيها كل شيء جميل، أفرحنا في الداخل، وأفرح الصادقين في محبتنا من الخارج، وأغاظ المترصدين والمتربصين بنا، في الداخل، وكذلك الذين في الخارج..

يسر الله تعالى، موحدا ومؤسسا فذا، جمعنا ولم شملنا، واستمر العطاء على يد من أحسن في تعليمهم وتربيتهم، أبنائه البررة، الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله، رحمهم الله، وقام كل منهم بتنفيذ وصايا أبيهم، بما وفقه الله إليه، حتى وصلت الراية لقائدنا الحالي، وولي أمرنا، الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، الذي قام ويقوم بكل ما تستحقه البلاد، وهذا الشعب الوفي، يعاضده في ذلك ولي عهد أمين، طموحه «عنان السماء»، هكذا قال، وهكذا عرفناه نحن، وعرفه غيرنا، وما هذه الاستثنائيات السعودية الحاصلة، إلا خير دليل على أننا بخير، بحمد الله وفضله، وإلى خير، بحول الله وقوته..

قادمنا، بحول الله، جميل، طالما كنا على قلب رجل واحد، ويكفينا في أن نكون كذلك، أن ننظر فقط لأعداء النجاح بالداخل والخارج، والذين كان وما زال همهم الوحيد، أن يبعدونا عن الأمن، ويبعدوا عنا الأمن، ويثيروا على بلادنا أهلها، والحاقدين عليها، ويأبى الله، بكرمه وفضله، إلا أن يخزيهم، ويرد عليهم كيدهم.. أنا لا أقول إننا وصلنا لكل الطموحات، وهذا أيضا لم يؤثر عن أحد من ولاة أمرنا، ومع هذا فقافلة النجاح مستمرة، ويكفيني في الدلالة على ذلك، أن مباحات (الفقه) صارت مباحات، ومحرماته المقطوع بها من خلال النصوص المباشرة للكتاب المشرف، والسنة المطهرة، لم تمس، وأن (الفكر) الذي تعشش في الأدمغة قد تغير، وأن الأقنعة انكشفت، وأن قافلة التصحيحات مستمرة، على قدم وساق، ومن شاء أن يركب فيها فمرحبا به، ومن أراد أن يبقى مكانه، فهذا قراره، وسيفوته الكل، وسيبقى مع زمرة قليلة، إن لم يبق وحيدا..

اليوم الوطني يوم فرح، ويوم احتفاء، بوطن (حلال)، له علينا واجب كبير، وستستمر أحلامنا، وهي كثيرة جدا، ولن تتوقف، وبحول الله ستتحقق، وبأمر الله سنرى الجميل يزداد جمالا، وسيزيد الفخر واليقين بأننا دولة لم تضرها السموم، ولن تضرها السهام؛ عقائدنا سليمة، وقلوبنا لا وكيل عليها، وأننا بشر أسوياء، وأن أحلامنا مستمرة، وأننا رجال وسيدات هذه المرحلة الخضراء، وكل واحد منا، سيحظى بما يستحقه من مكان ومكانة، عاجلا أو آجلا، وأنه لا مكان بيننا للكوابيس،

ولا للخفافيش، ولا للون الواحد، ولا للطعم الواحد؛ فقط ثقوا في أنفسكم، وفي قادتكم، وكونوا على يقين أن بلادنا سارت، وتسير نحو (السماء).