اِسْعَ إلى أعظم أهدافك الحاسمة، بالقوة والتصميم. «كارل فون كلاوزفيتز جنرال ومؤرخ عسكري»

سياسة الحزم والعزم التي انتهجتها السعودية في التعامل مع الدول، خصوصا التي كانت تحاول ابتزاز المملكة، بدأت تؤتي أُكُلها، فهذه ألمانيا اعتذرت وتتمنى على المملكة إعادة السفير. لقد كتبنا كثيرا عن تبني سياسة الحزم مع المبتزين الدوليين، كما أسميناهم في المقالات المنشورة، وأن سياسية الابتزاز السابقة للمملكة يجب أن تتوقف، والحمد لله النتائج بدأت تظهر، فهؤلاء لا يهمهم لا حقوق إنسان أو غيره، بل هي أهداف سياسية مغلّفة بشماعة الحقوق التي أصبح الجميع يستغلها ويتسلق عليها، أشكر كل من هنّأني في وسائل التواصل الاجتماعي، بعد إعلان الاعتذار الألماني، على مقالاتي السابقة، لكن الشكر الجزيل ليس لي، فأنا مجرد كاتب، ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه، ولكن الشكر المستحق لسيدي الملك سلمان، وولي عهده، على سياستهما الحازمة، وحرصهما على كل ما يمس السيادة الوطنية، كما أشكر وزير الخارجية عادل الجبير، فأنا أعرف أنه ليس هناك في السياسة الدولية شيء فجائي، فالمؤكد أن هناك كثيرا من الجهد الذي بُذل بعيدا عن الأضواء.

للعلم، إذا كان هذا الاعتذار العلني من دولة واحدة، فإن كثيرا من الدول اعتذر بشكل سرّي، فالدبلوماسية العالمية غالبها يكون بشكل غير معلن، والأكيد أن كثيرا من دول العالم أعاد تقييم طريقة تعامله مع المملكة، وقلنا سابقا، عصر الابتزاز الدولي ولّى دون رجعة.

وقد تحدث بعضهم -عن جهل- أو تعوّد أن هذا يؤثر على صورة المملكة المسالمة التي لا ترغب في المشكلات دوليا،

والرد بسيط: هو أن المملكة لم تسع طوال تاريخها إلى المشكلات مع أحد، لكن لن تسمح لكائن من كان أن يمس سيادتها

أو كرامتها، ويجب أن يعاملها الجميع شريكا على قدر المساواة يجب احترامه، واحترام سيادته.

أما بخصوص صورة المملكة في الخارج، فكما يقول المذيع الأميركي الشهير بوب شيفر «السياسة الجيدة ستتفوق على العلاقات العامة السيئة، ولكن أفضل علاقات عامة لن تتفوق أو تحسن السياسة السيئة»، وأعتقد أن أفضل سياسية دولية في وقتنا الحالي هي الواقعية، ليس لأني أنتمي إلى المدرسة الواقعية، لكن كما قال الكاتب الكبير كلاود ماكي «المثالية هي بمثابة بناء قلعة في الهواء، ما لم تكن مبنية على أساس متين من الواقعية الاجتماعية والسياسية».

ولكن، المهم في كل هذه الاعتذارات من الدول هو الأفعال وليس الأقوال، يجب أن تكون طريقة تعامل الدول وأفعالها منسجمة مع النهج الجديد، وألا يكون الموضوع مجرد اعتذارات شفهية حتى تسلم شركاتها وتعمل في المملكة. فالمملكة تحكم على الأفعال!

أما بالنسبة لكندا أو غيرها، طال الزمن أم قصر، ستأتي وستعتذر، وستنفذ ما هو مطلوب منها، فنهج الحزم والعزم مستمر، أما هذه الحركات البهلوانية التي نقرؤها في الإعلام الكندي، فلن تسمن ولن تغير من الموضوع شيئا.

من فضل الله على المملكة، أن جعلها لا تحتاج أحدا إلا وجهه الكريم، فهي لا تتلقى مساعدات من أحد، ولا لأحد عليها مِنّة.

وفي هذه المناسبة، يجب ألا ننسى التصرفات السيئة للملا موجيريني، ممثلة الاتحاد الأوروبي، التي تدافع عن النظام الإيراني أكثر من وزير خارجيته، ألم نقل مرارا وتكرارا أن كثيرا من الغربيين يتعامل مع الأمور بمكيالين بل قمة النفاق، أليس الاتحاد الأوروبي الذي تمثله يضع في أولوياته حقوق الإنسان؟ أين هي من أكبر ممول للإرهاب العالمي؟، وأين هي من النظام الذي شن ويشن هجمات إرهابية في بلدان الاتحاد الأوروبي، وآخرها عملية باريس التي تم إحباطها؟، وأين هي من الشعب الإيراني الذي يعاني أكبر اضطهاد حاليا في تاريخه، ويتم قتل واختفاء وسجن العشرات يوميا؟ هذا غير مشانق الرافعات التي أصبحت عادة دورية.

أصبح الكُتّاب في وسائل التواصل الاجتماعي يسمونها الملا، أو آية الله موجيريني، نفس الاسم والقناعة التي وصلنا إليها سابقا، هناك شبه إجماع من المتابعين الدوليين أن هذه السيدة مريضة بعشق الملالي، مما أثر على عملها وموضوعية اتخاذ القرار، وحتى على مصالح الأوروبيين. يجب ألا تمر تصرفاتها دون رد حازم، فهي وضعت نفسها في عداوة علنية مع الخليج، عندما تسمع كلامها وأحاديثها الصحفية بمناسبة عقد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي في نيويورك، لا تصدق كمية النفاق وقلب الحقائق. لا تستطيع الملا موجيريني أن تنكر أن إيران أكبر ممول للإرهاب، وأنها تمد جماعات إرهابية مسلحة بالصواريخ لقصف المدن السعودية، ولا تستطيع أن تنكر أن إيران خططت لعملية إرهابية في باريس تم اكتشافها من خلال أجهزة أمن أوروبية، والعقل المدبر دبلوماسي إيراني، ولا تستطيع أن تنكر أن إيران قمعت المحتجين الفقراء، وتقوم بتعليق المساكين من الأقليات على الرافعات شنقا بشكل علني، وأن إيران تنشر النزاعات وتقتل المدنيين في مناطق الشرق الأوسط، لكن كل هذا لا يهم عند الملا موجيريني، فالأهم بالنسبة لها استمرار رضا ملالي طهران، تريد تمويلهم حتى يمولوا حروب الوكالة التي تشعل نيران الشرق الأوسط، وبعد كل هذا تتكلم عن حقوق الإنسان! شيء مقزز كمية النفاق.

«الرذيلة الوحيدة التي لا يمكن غفرانها هي النفاق، إن توبة المنافق هي في حد ذاتها نفاق» وليام هازلت.