سيدة بلغت الخمسين من عمرها، منها سبعة وعشرون عاما متزوجة من أحدهم، ولم تنجب منه أطفالا، لأمر قدّره المولى، عز وجل، فاجأها زوجها الستيني بطلاقها وزواجه من شابة عشرينية يجدد بها شبابه الذي هرِم ويثبت بها فحولته التي سترتها زوجته الأولى طوال الأعوام المنصرمة بادعاء أن عدم الإنجاب كان من جانبها، كانت ترى فيه العائلة لها بعد وفاة والديها اللذين لم ينجبا سواها وابنتين أخريين، وكانت له العائلة والظل الذي يستريح في فيئه بعد إنهاك عمله، وفرت له الجو المناسب ليزدهر في تجارته وأعماله، فتركت دراستها بناء على إلحاحه بزعم أنه يرغب في تفرغها له، فقدرت رغبته، فهو ابن الجيران الذي شغفها حبا منذ طفولتها، ومن ناحية أخرى لم تكن ترغب أن يشعر أنها أعلى منه درجة تعليمية، هو الذي بالكاد أكمل دراسته الثانوية، واتباعا لنصائح عبؤوا بها أذنها أن طاعة الزوج واجبة، وأن الدراسة أو العمل أمر ثانوي في حياة المرأة، إذ هناك دوما من يتكفل بها، ولم تكن تشكو طول سفره وبعده عنها.

والآن.. بعد طلاقها، فقد طردها من منزل الزوجية، وأصبحت بلا مأوى أو مصدر رزق.

أصبحت سيدة المنزل الكبير مجرد «ضيفة» -في أفضل التسميات- عند أقاربها.

السؤال:

لماذا لا نفترض -كما يردد البعض- أن مهمة الزوجة هي نوع الوظائف، فيكفل لها القانون على الأقل معاشا من دخل زوجها، يضمن لها حياة كريمة بعد هذا العمر!

أليست هي من ساند هذا الزوج وكانت بصبرها وتعاونها معه عاملا مساعدا في ثروته التي كونها!

الإسلام دين يحض على الإحسان والوفاء وحسن العهد، وجاء متمما لمكارم الأخلاق، وليس هناك باب يؤدي إلى المروءة إلا وحث عليه، فلماذا لا نجعل من كل تلك النوازع سببا لجعل نفقة للزوجة دائمة وسكنى بعد الانفصال، خاصة في حالات كهذه بعد طول عُشْرَة!

أين المنطق والعدل في أن أسمح للزوج أن يُكرِه زوجته على ترك العمل، بحجة أن من واجبها طاعته، ثم لما تولّي زهرة شبابها وفرص النجاح والتقدم الوظيفي لها، ندعها في مهب الريح تتوسل كرم هذا الزوج وتعتمد في مستقبلها على مدى مروءته!!

لماذا لا يُسنّ قانون يلزم الزوج بنفقة دائمة للزوجة تتناسب ودخله، وتكفل لها حياة كريمة -وليس حد الكفاف- طالما كان هو من ألزمها المنزل ومنعها الدراسة أو العمل!

«العشرة بالمعروف» و«التسريح بإحسان» يلزمان الزوج بحفظ كرامة المرأة التي تزوجها، طالما هي على ذمته، أو انفصلت عنه بعد طول عُشْرة، لكن في زمن شحّت فيه المروءات نحتاج لقانون يحفظ الحقوق، ويحفظ على الناس كراماتهم ويحميهم من غوائل الأيام، فهل نطمح لأن يكون ذلك قريبا!

على هامش القصة:

امرأة كهذه في قصتنا السالفة، وغيرها كثير ممن لا أب ولا زوج ولا أخ أو ابن لهن، هل يعقل أن نجعل البت في أمورهن لـ«أولياء أمور» قد يكونون أبناء عم قريبين أو بعيدين، وهم ليسوا محارم لهن!

هل تضمنون ألا يتم استغلالهن بأي شكل من الأشكال في سبيل إنهاء إجراءاتهن الحكومية وعدم تعليقها!

لا أعتقد أن هناك ضمانة.

وسبحان من كتب على نفسه العدل وسمى نفسه أرحم الراحمين.