أصبح واقعا تقلد المرأة السعودية مناصب قيادية كانت إلى عهد قريب حكرا على الرجل، كم حدث مؤخرا في الأمانات والصحة وهيئة الرياضة، حيث أصدرت العديد من التكليفات لكوادر نسائية هي جديرة بتحمل مسؤوليات هذه المناصب وتحقيق النجاح فيها، وجود المرأة داخل دوائر اتخاذ القرار المهمة أصبح حقيقة ولم يعد هناك مجال للتشكيك أو أن الأمر لا يخرج عن كونه فكرة قابلة للتجريب ومحددة بفترة زمنية لتحزم أمرها بعد ذلك وتغادر، سنعتاد أن تدير الإدارات الكبيرة نساء وأن توجه وتشرف على مجموعات وظيفية مختلفة الجنس امرأة، وهذا الأمر ليس خافيا على المتابع والمهتم برؤية المملكة 2030، حيث حضرت المرأة بقوة في جملة أهدافها، والذي جاء نص أحدها رفع نسبة مساهمة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30%، وهذا يوضح ما يعول عليها القيام به من جهد وعلى أهمية دورها في بناء اقتصاد وطنها، ورفع مستوى الإنتاجية من معدلات متوسطة إلى نسب عالية ينتظر أن يكون للقطاع الخاص المساهمة الأعلى في تحققها، باعتباره قوة اقتصادية ضخمة أتيح لها العديد من الفرص والمزايا، بل إن السبل ممهدة للانطلاق بقوة، ولأن التركيز سيكون على توفير فرص العمل للمرأة في هذه القطاع وبالنسبة المتوقعة 30%، إضافة إلى إسناد مناصب مهمة لها في القطاع الحكومي، إذاً من نافلة القول أن نرفع صوتنا، افسحوا المجال للمرأة كي تقوم بمهامها خير قيام، وهذا الكلام موجه لأفراد المجتمع كافة، رجالا ونساء، كبارا وصغارا، موظفين أو رؤساء، فهي لن تزاحم أحدا، ولن تأخذ مكان أحد، هي فقط ستشغل الأماكن المخصصة لها وفق رؤية الدولة وسياستها التي تهدف إلى تشارك الجميع في نهضة البلد وتطورها وعدم النظر إلى طرف بأنه الأهم، والذي يمتلك القدرة عن نصفه الآخر الذي يوصف دائما بأنه كائن ضعيف ويهرب من تحمل المسؤولية، ولن نكرر ما يقال إن المرأة تتحمل من الأعباء ما لا يطيقه غيرها، وفوق ذلك فلديها روح الإنجاز والتحدي والإخلاص في العمل، فهي لا تقبل أنصاف الحلول، بل تنشد الكمال فيما تقوم به، شريطة أن تجد البيئة التي تساعد وتخلو من المتطفلين وأعداء النجاح الذين يقفون لها بالمرصاد يؤولون ما تفعله، مخضعينه لأحكام ومرجعيات لا تمت لما شرعه الدين من حقوق وواجبات للمرأة، وقد كفل لها الحياة الكريمة، سواء كانت في كنف أسرة تتولى الإنفاق عليها، أو من كسب يدها إذا كانت قادرة وملتزمة بنظام العمل في الإسلام، وقد شهد التاريخ الإسلامي نساء برعن في التجارة والعمل الحرفي، وكان لهن صيت في ذلك، وعلى رأس هؤلاء أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، رضي الله عنها، وكيف كانت تجارتها بالاتساع، بحيث بحثت عن من يحمل أمانة المحافظة عليها والعمل على نموها، فكان خير البشر محمد بن عبدالله، عليه أفضل الصلاة والتسليم. إذاً المرأة ستعود لتمارس حقها الطبيعي لا أكثر وليس كما يعتقد البعض ويرى أن الخطوة جديدة وناتجة -على حد زعمهم- عن تخليها عن أدوارها الحقيقية كأم وزوجة وربة منزل. والمرأة في الحقيقة قادرة عليها وعلى غيرها والواقع يثبت ذلك، الأهم أن تمنح الثقة وتخف حولها قيود التعليمات لتنطلق ممارسة صلاحياتها في ظل أمان وظيفي تقره أنظمة العمل المعمول بها في مؤسسات الدولة. هناك من يبدون تحفظهم حول قدرة المرأة على الدخول في هذا المجالات التي تتطلب مباشرة الأعمال في الميدان ومتابعة آلية التنفيذ خارج المكاتب، ولكن لا تستبق الأحداث وتأمل قليلا حولك ستجد الكثير من النساء يقفن طوال اليوم في مواجهة جميع الظروف الطبيعية لكسب قوت يومهن، وإن لم يكن في الأسواق فهن على ناصية الشارع أو في باحة السوق يقفن على بضاعتهن بكل همة ونشاط، إذاً كل هذه التخوفات لا تستند إلى الواقع وإنما افتراضات مسبقة الهدف منها إحباط الهمم، وإثارة من بعض النماذج التي لا ترى في المرأة إلا الخنوع والاستكانة وانتظار الأوامر من الآخرين لتتحرك وفق تصوراتهم.