إن ما حصل ويحصل منذ أيام في مسعى حثيث لاستهداف المملكة العربية السعودية، وابتزازها سياسيا واقتصاديا، لهو أمر مفضوح ومكشوف المصادر والجهات التي تقف خلفه وأهدافها، ولهذا فإن حكمة وحنكة القيادة السعودية، إلى جانب الوعي الكبير الذي يتمتع به الشعب السعودي، كانت كفيلة بصد هذه المحاولات اليائسة والخبيثة التي حركتها جهات لم تُحب في يوم من الأيام جمال خاشقجي، بل هي حقدت دائما على المملكة العربية السعودية، وخططت لاستهدافها في كل فرصة سنحت لها للقيام بذلك.

إن القرار الذي اتخذته المملكة من اليوم الأول لاختفاء خاشقجي، كان التحضر والوعي لمواجهة إعلامية جادة ومتأهبة، لأنها علمت أن هناك مخططا جهنميا تقوده شياطين الإنس المارقة، كما وصفها الرئيس ترمب، وهدف هذا المخطط بالدرجة الأولى الضغط على القيادة السعودية، وجعلها تُقدم تنازلات في عدد من الملفات كانت لها فيها مواقف حازمة، ولم تساوم عليها تحت أي ظرف، أبرزها القضية الفلسطينية، والرفض المطلق للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعدم القبول بمطالبات دولية للمملكة لتخفيض أسعار النفط، وغيرها من الملفات المهمة على مستوى المنطقة والعالم، فبدأت خفافيش الليل المرتبطة بأجهزة استخبارات التخطيط لعمل ما، وبمشاركة شخصيات من عدة جهات، وكانت عملية إخفاء جمال خاشقجي أو قتله، هي الخطة التي سيعمل عليها هؤلاء للضغط على المملكة وإحراجها، وتشويه سمعتها دوليا، وابتزازها في ملفات وقضايا متنوعة، تخدم مشاريع المتورطين في العملية التي يبدو أنها نُفِّذت بحرفية عالية، لتظهر وكأن للمملكة العربية السعودية يد فيها.

جاء الرد السعودي عبر أعلى هرم القيادة، بقبول الدخول إلى القنصلية السعودية في إسطنبول وتفتيشها، ورفض أي تهديدات للمملكة، تحت أي ظرف، وكانت الرسالة واضحة جدا لمن يهمه الأمر، بأن السعودية قادرة على الرد على أي عقوبات أو تهديدات، وأنها لن تسمح لأحد أن يمسّ سيادتها وسياساتها وقرارها الحر السيد المستقل، الذي يحصد تأييد ملايين العرب والمسلمين الداعمين للسعودية والواقفين خلف قيادتها، وهم يعدّونها قبلتهم الدينية والسياسية، كيف لا وهي مهبط الوحي والقوة الإسلامية الأولى في المنطقة، وهي من فتحت الأبواب للعرب والمسلمين لإيجاد فرص عمل تساعدهم وتساعد عائلاتهم في بلادهم، وهي التي تحتضن ملايين المعتمرين والحجاج، وتطور في الحرم المكي والمدينة المنورة بشكل مستمر، وتدعم الدول الإسلامية الفقيرة، وتسند اقتصاد دول عربية تواجه مخاطر اقتصادية وسياسية، ودعمت قضية فلسطين، ووقفت إلى جانب الشعب السوري واليمني والبحريني والمصري والليبي، ولم تكن مقصرة في أي يوم بتقديم الدعم لكل من يحتاجها، عربيا كان أو مسلما أو صديقا من الغرب.

اليوم، نؤكد وقوفنا خلف قيادة المملكة العربية السعودية، ونجدد البيعة للملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان، على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، ونؤكد للعالم أجمع أننا جنود في خدمة هذه الأرض الطاهرة وقيادتها وشعبها الذي يخدم الحرمين الشريفين، وكان لهم الفضل الأكبر -بعد الله سيحانه وتعالى- في وصول المملكة إلى ما هي عليه اليوم، ولن نسمح -تحت أي ظرف من الظروف- بالتطاول عليها وعلى قيادتها وشعبها، وستكون أرواحنا وأجسادنا فداء لكم، لأنكم أنتم التاريخ والحاضر والمستقبل.