أما السعودية فلها رب يحميها، هكذا أفرغ الله على قلوب السعوديين ثباتا ويقينا.

للسعودية رب يحميها، من كيد الكائدين وظلم الظالمين وخيانة الخائنين، كيف لنا أن نتخلى عن ثقتنا بالله لحظة أن يحمي وطنًا قام منذ فجره الأول على التوحيد، وأسس بنيانه الأول على التقوى، وعرفه العالم -كل العالم- مهدا للإسلام وحضنا للعروبة، وقلبا نابضا وعقلا واعيا وكفّا سخيّا للمسلمين.

كيف لا يكون للسعودية رب يحميها، وهي التي شرفها الله باحتضان الحرمين الشريفين، وسخّر أبناءها -ملوكا ومواطنين- للتفاني في خدمتهما، في تظاهرة إنسانية عالمية متفردة ليست لأي وطن في هذا الوجود سوى السعودية.

كيف لا تسهر عيون وتتفتت أكباد يؤلمها نجاح السعودية، وهي ترى هذا الوطن يطفئ شمعته الـ88 بالثبات والتماسك كليهما، في التحام وطني يُدرّس بين الشعب النبيل والقيادة العظيمة.

هي ليست كلمات تقال، ولا حروفا تصطف، ولا جُمَلا تتلألأ، بل هي سنوات شامخات ناطقات تشهد على عظمة هذا الكيان الذي أشغل الغرب والشرق على امتداد السنين، فلم تمر حقبة من الزمان إلا والسعودية في مقدمة اهتمامات العالم، فتارة يعرب عن إعجابه، وتارة عن قلقه، وتارة عن رغبته في التقارب، وتارة عن التباعد، وما ذلك إلا لأن السعودية رقم صعب، يهز يمين العالم دون أن يلويها، ويلوي عنق الدنيا دون أن يكسرها.

ليس غريبا أن تكون المملكة العربية السعودية في بؤرة شعور العالم، الغريب ألا تكون، وليس مخيفا أن تكون المملكة العربية السعودية الشغل الشاغل للعالم، بين مهدد ومجدد وبين متوعد وواعد، وبين متربص ومخلص. فللسعودية رب يحميها.

ولا يهز قيادتها تكالب المتآمرين والمؤامرات، وتحالف المعسكرات، وقذارة المعارك السياسية، وخبث اللعبة الإعلامية، فقد حملت ظهور رجالها على امتداد تاريخها المهيب هموما أشد من الجبال، فغالبتها وغلبتها، فانحنت الجبال وبقيت شامخة هامات الرجال.

أما الشعب السعودي فقد بات اختراقه أمرا يشبه المعجزة، إن لم يكن معجزة بحق.

إن احتفال السعوديين البارحة بالأمر الملكي بإعادة العلاوات للمدنيين والعسكريين، لهو دليل ناصع على أن الشعب السعودي ما زال يعيش واثقا في ربه آمنا في سربه ماضيا في دربه، لا يخاف ولا يهاب ولا يبالي ولا يمالي، لأنه موقن تمام اليقين أن للسعودية ربا يحميها.

وكأنه حديقة ورد فاتنة تحتفل بطلائع الربيع، غير آبهة بالزوابع والأعاصير في الخارج لأن مصيرها الزوال. كالزبد يذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

يحدث هذا حتى ونحن نضع في اعتبارنا -كسعوديين- احتمال أن تنتهي مسرحية خاشقجي كما يريد المخرج. لكننا ندرك يقينا أن الجمهور سيصفق بحرارة، وسيقف بإجلال وإكبار -في نهاية الأمر- للسعودية.