حضر وفد من الخوارج لأداء فريضة الحج فنزلوا واديا يكثر فيه البعوض، فتحرجوا من قتله حتى لا يفسد حجهم! فسألوا ابن عمر عن دم البعوض فقال لهم (أتقتلون الحسين وتسألون عن دم البعوض). وكان الجلادون الذين يضربون الإمام أحمد بن حنبل يسألونه عن الدم الذي ينضح من جسده فيقع على ثيابهم هل يبطل صلاتهم!!. وسأل رجل شيخا أني زنيت فقال له الشيخ لِم لم تعزل فقال الرجل سمعت أن العزل مكروه، فقال له الشيخ أتعلم أن العزل مكروه ولا تعلم أن الزنا حرام!!. ولعل ما سبق هو مختصر المفهوم الديني والفقهي والسياسي لجماعة الحوثي الذين يتظاهرون بحرصهم على اليمن وأهله، بينما هم يسعون إلى حكم مستبد تحركه أجندة خارجية، وتسبب هذا النهج في أسوأ مأساة إنسانية يشهدها العالم ثم يقولون لسنا السبب!!. ولم يعد خفيا أن هذه الجماعة المسلحة ذات الصبغة الطائفية يتم دعمها وتوجيهها من قبل إيران لتحقيق أجندة متعددة، من أهمها تهديد أمن واستقرار الدول المجاورة لليمن، وأسهم في ذلك الدور المشبوه للأمم المتحدة، والتي أصبح جليا أنها تستمد بقاءها من تنمية الصراعات والخلافات. إن الجماعة الحوثية ليست سوى استنساخ لحزب الله الذي جعل لبنان دولة تدور في فلك من الخلافات وعدم الاستقرار والاغتيالات. ورغم دعوات عقلاء المجتمع الدولي مرات عديدة إلى إلقاء السلاح والدخول في عملية سلمية شاملة تدعم الحوار الوطني لكافة فئات الشعب اليمني وتلفظ المذهبية والتفرد بالقرار، إلا أن كل هذه الدعوات تم إحباطها من قبل جماعة الحوثي. ورغم كل المآسي والمجاعات التي تعصف بالشعب اليمني فلم نجد الحوثي يمد يد العون لأولئك الأطفال، بل قام بتجنيدهم وقتل من يخالف ذلك. ولولا رعاية الله -سبحانه وتعالى- ثم جهود مركز الملك سلمان وبعض الشرفاء لفتكت الكوليرا والجوع بكل أطياف المجتمع. لقد توحدت رؤية الشعب اليمني البسيط، وعرفوا أن عدوهم الحقيقي ليس سوى ذلك المتاجر بقضيتهم، القاتل لأبنائهم، المصادر لفرحتهم، البائع لوطنهم. وأصبحوا أكثر إيمانا أن مستقبلهم يكون من خلال دولة مدنية متعددة الأحزاب تؤمن بالرأي والرأي الآخر، وأن الحكومة الشرعية الحالية هي النواة لهذا المستقبل المشرق والأمل المنتظر. وزاد إيمانهم بهذا مع تحرير الكثير من الأراضي والمحافظات من استبداد العميل الإيراني، وتمدد الحكومة الشرعية ليكون آخر قراراتها استئناف تصدير البترول.

إن جماعة الحوثي فشلت في أن تكون حزبا سياسيا أو مجموعة ذات قضية وأثبتت أنها ليست سوى شرذمة تمتاز بالتوتر والهياج الدائم إلى جانب التكفير وبذاءة اللسان وسوء الظن. إن جماعة الحوثي ليست سوى أدوات قتل أرادت أن تؤسس قاعدة للهمجية والفوضى في مجتمع يعاني الفقر والجهل ولكنها لم تنجح. إن التطرف ومحاولة تهديد الجيران بتلك الصواريخ الباليستية يعبر عن الضعف وفقدان الأمل الذي وصلت إليه هذه المجموعة. وأخيرا لقد اقتنع الشعب اليمني الحر الأبي أن الفكر لا يهزمه إلا الفكر، وأنه لن يسمح لمجموعة من الغلاة والجهلة والمرضى النفسيين باختطاف يمن العروبة، وأنهم سيقفون صفا واحدا في مواجهة شَرذمة اليمن. لقد اقتنع اليمن أن سعادته ووطنيته وقضيته ومستقبله لا يجتمعون وجماعة الحوثي بفكرهم الحالي على أرض واحدة.