تمت الموافقة السامية -قبل أشهر قليلة- على تمديد عمر الطبيب الاستشاري إلى 70 عاما، قبل التعاقد مع شروط معينة لإثبات كفاءته الصحية والعقلية، وهو بلا شك قرار حكيم، لأن العمر ليس مقياسا حقيقيا للعطاء، خاصة في التخصصات الفنية التي لا يمكن «تعويضها» بسهولة، مثل الطب والتمريض، وغيرها من التخصصات الصحية.

والتقاعد وقرار التوقف عن الركض يجب أن يكون قرارا شخصيا نابعا من اعتقاد بعدم القدرة على العطاء، أو رغبة في تغيير منهج الحياة، والبعد عن الضغوط العملية بدلا من أن يكون قرارا إداريا روتينيا.

عالميا تشير الأرقام إلى أن 64-68 عاما هو معدل تقاعد الأطباء، وتختلف الدول في سن قوانين التقاعد.

شخصيا رأيت عددا من الأطباء وهم في الـ70 وما زالوا في عطاء جيد، وإن اختار بعضهم «التخفيف» من زخم العمل للاستمتاع بمباهج الحياة الأخرى، ولكن التقاعد «الإلزامي» لا يعدو كونه إهدارا لثروات معرفية وخبرات كبيرة من الصعب تعويضها بسهولة، وكما قال الروائي الجميل باولو كويلو «نحن بحاجة إلى الجمع بين «الحكمة القديمة» و«التقنيات الجديدة»، «كي نغيّر العالم».

عالميا، يتردد اسم الجرّاحة الروسية ليفوشكينا صاحبة الـ90 خريفا، وهي أكبر طبيبة جراحة في روسيا، وقد أجرت أكثر من 10 آلاف عملية جراحية، وتباشر مهام وظيفتها منذ 68 عاما.

وقالت ليفوشكينا، إنها تجري يوميا 4 عمليات جراحية في مستشفى مدينة ريازان، بالقرب من العاصمة الروسية، موسكو، حسب تقرير نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية.

هذه الظاهرة ليست نادرة كليا، فهناك عدد من القصص المشابهة لأطباء استمروا في العمل بطاقة عالية جدا، تتعدى قوة «المواطير» الكهربائية، نسأل الله أن يمن عليهم بالصحة والأجر، وليتنا نترك للممارس الصحي حرية الاختيار بين «التقاعد» بهدوء وقضاء أيامه الأخيرة «منشكحا» وهادئ البال على شواطئ الأطلسي «وهذا اختياري الشخصي»، أو ممارسة الركض «الإنساني» حتى آخر لحظات العمر، وفي كلاهما خير..