كتابة الرأي من الممكن أن تكون مجرد زاوية تملؤها بكلماتك وجملك الإنشائية، لتحقيق مكاسب شخصية، لكنها أيضا واجب وطني، أول وأهم إجراءاته النقد وليس المدح أو الثناء، بل استعمال المدح لا يجب أن يتجاوز مسألة استمالة قائد المؤسسة موضوع المقال ليكمل قراءة مقالك.

النقد ربما كان كلمة قاسية مؤلمة ومؤذية بأحرفها ذات الصدى أو الصرير، حتى بالإنجليزية، لذا يشيرون إليها عادة بمصلحات قريبة وأكثر تهذيبا، وتشير إلى معنى مادي فيقولون Feedback، ونترجمها في التقويم بالتغذية الراجعة، غالبا المؤسسات تعمل على تحسين نفسها، بل هي غالبا تدفع مقابل هذا النقد.

لكن نحن ابتُلينا -مؤخرا- في بعض المؤسسات، بأشخاص ما إن يتولى إدارة مؤسسة حتى يصبح اندماجه بالمنصب مثل الحلول عند الصوفية، أو بمعنى أدق الحلول السرياني، الذي يصبح فيه المسؤول هو المؤسسة نفسها، فحين تشير إلى المؤسسة فأنت تشير إليه.

والويل لك إن انتقدت سياسات المؤسسة، فكأنما انتقدت عقل هذا المسؤول أو يده حتى، ولا يهم إذا كنت متخصصا فيما تناولته بالرأي أو غير متخصص، لأنه يأخذ نقدك من ناحية شخصية. فما يدريه، فلعلك تريد تحطيم صورته لتصبح مكانه -مثلا- رغم أنه يوما ما سيكون هناك من سيجلس مكانه على كل حال.

هوّن عليك عزيزي المسؤول، نحن وأنت نطمع في خدمة الوطن، وربما لديك قدرتك على إيجاد الأخطاء وإصلاحها، لكن سيكون من المفيد أن تتعرف على أخطاء أخرى، يمنعك منصبك من رؤيتها بسبب القرب، وهي تحتاج إلى البعد لترى من ينقد مؤسستك. يكشف عقله للناس، ولو كان يتحامل عليك سيخسر قلمه، وإن كان صادقا فأنت الرابح، لقد حصلت على مشورة مجانية.

لن تكلفك شيئا، بينما من يمدحك ويحول مقاله إلى «بروشور» دعائي لك سينتظر منك المقابل يوما، وإن لم تفعل انقلب عليك.

والعرب تقول: «من مدحك بما ليس فيك وهو راض عنك، ذمّك بما ليس فيك وهو ساخط عليك»، وهذه المرة لن يكون الحديث عن مؤسستك بل عنك.