ينتظر العالم في الأشهر القليلة القادمة ثورة جديدة في عالم شبكات الإنترنت والتقنية الحديثة بشكل عام. هذه الثورة وما اصطلح على تسميتها بشبكة الجيل الخامس، والتي تتميز بسرعة ضعف سرعة الشبكة الحالية 4G بـ100 مرة، بالإضافة إلى ميزات خيالية أخرى تفوق الشبكة الحالية بشكل مذهل ولا مجال لذكرها الآن، وإنما الحديث عن التطور السريع في التقنية وعالم البرمجة والشبكات التي يتبادر معها إلى الذهن العديد من الاستفهامات وعلامات التعجب!!! كيف هيأ التعليم أطفالنا لهذه المرحلة؟ وما استعداداته لهذا الزخم الهائل من التطور المتسارع في التقنية؟ وكيف يحدث الفرق ويواكب المتغيرات التي يعيشها الأطفال خارج المؤسسة التعليمية؟ وما الطريقة الصحيحة للربط بينها بشكل يتناسب مع أهداف المؤسسات التعليمية وأهداف التحول الوطني وقدرات الأطفال؟

منذ 16 سنة عن سنواتي الأولى في التعليم كطالبة وقعت عيوني اليوم على جداول الصفوف الأولية لأطفالنا، ورغم كل تلك السنوات لم أجد ذلك الاختلاف الواضح، حيث ما زالت المواد نفسها والمناهج كما هي، نفس التقسيمات والتوزيعات، اختلاف طفيف في المسميات والمعلومات وألوان الكتب وإصداراتها، لم يتغير شيء. وفكرة أن يدرس الجيل الحالي بنفس الأسلوب وما تعلّمناه قبل 15 سنة أو ما تعلمه جيل الثمانينات قبل 20 سنة، ليست مقبولة بالنسبة لي، في ظل ما تعيشه بلادنا من تقدم وتحول على الصعيدين الثقافي والاجتماعي، وضمن سعي وزارة التعليم إلى التحول الرقمي، بكل أسف لا يوجد منهج رسمي للطلاب، من الصفوف الأولى لتعليم الحاسب وعلوم البرمجة. ولو نظرنا للوضع من زاوية مختلفة، نجد أن أطفالنا ليسوا كأطفال الأمس، أفقهم أوسع بكثير، مداركهم أكبر من أعمارهم غالبا، وعلينا أن نعي ذلك جيدا. اليوم تجد 9 من 10 من الأطفال لديهم خبرة كافية في استخدام الأجهزة الإلكترونية، من جوالات وأجهزة محمولة، إما لوحية أو كمبيوتر، باختلاف أنواعها. وهذا يعني أن جاهزية الطفل ليست السبب في تأخر تعليم مناهج الحاسب والبرمجة من الصفوف الأولى. كما أن الوقت ليس السبب في ذلك، إذ تزدحم جداول الطلاب بمواد هي بطبيعة الحال تمثل أساس تعامل الطالب أو الطفل في بيئته ومحيطه، سواء في المنزل أو المسجد، فحصة أو حصتان كافية في الأسبوع وتطبيقها هو الأهم. يقول مصطفى محمود: «إذا نزل مؤمن وكافر إلى البحر فلا ينجو إلا من تعلم السباحة، فالله لا يحابي الجهلاء.. فالمسلم الجاهل سيغرق والكافر المتعلم سينجو». نضيع الكثير من الوقت المهم جدا لدى أطفالنا في بداية تأسيسهم تعليمهم أشياء هي من أساسيات مجتمعنا يتعلمها الطالب ويعرفها من خلال مجتمعه بالتطبيق والمحاكاة، ولكن العلوم التي يتحتم على المدرسة تعليمها إياه هي تلك التي يصعب عليه تعلمها خارجها. لا نعلم ما الأسباب والدوافع وراء ذلك التأخير؟!. ويبقى السؤال الذي ينتظر الجميع إجابته اليوم، خاصة الآباء والأمهات والمربين، في ظل التوقعات والتخمينات بحلول الأجهزة اللوحية والتعليم الرقمي، مكان الورق، والاستغناء عن الكتاب، مع ثورة التقنية وشبكة الجيل الخامس، متى نعلم أطفالنا من الصفوف الأولى البرمجة؟ متى يعتمدها التعليم كمنهج أساسي مثلها مثل الرياضيات والعلوم وليست نشاطا ترويحيا؟