مما لا شك فيه، أن العلاقات التي تجمع السعودية بشقيقتها دولة الإمارات، والتي توّجت بمجلس التنسيق السعودي-الإماراتي، وإستراتيجية العزم، لمواجهة كل التحديات أمام البلدين، إنما هي علاقة إخاء لشعبين يجمعهما الحب وأواصر القربى والجوار، والمصير المشترك الواحد والمستقبل الواحد، وهي علاقات متجذرة في أعماق التاريخ، جمعت بين قادة البلدين الأوائل وشعبيهما منذ القدم، وتوارثتها الأجيال المتعاقبة إلى اليوم، قادة وشعوبا، فهذه العلاقة بين الشعبين وقادة البلدين، تقوى في كل يوم، وتزداد وثوقا وقوة وإصرارا، وتنسيقا، ورؤية مشتركة في التعاطي مع قضايا منطقة الخليج العربي، والتنبه للمخاطر التي تهدد أمنها، خاصة في ظل إصرار حكام إيران على دعم الميليشيات الإرهابية، لزعزعة استقرار دول الخليج.

نعلم أنه لن يروق للأعداء استقرار البلدين، وأعداء أمن دول الخليج العربي، ولكنهم حينما يلمسون عمق العلاقة السعودية- الإماراتية، والذي يعززها العزم الأكيد، والتنسيق القوي لصد التحديات ووقف الأطماع التوسعية، والتصدي لتصدير الأفكار المتطرفة والإرهاب، فمن المؤكد أن الأعداء سيعيدون حساباتهم، وسيرجعون إلى مخابئهم كالفئران خائبين، وقد خسروا كل آمالهم في الإضرار بعلاقة البلدين الشقيقين «السعودية والإمارات»، وخابت كل مساعيهم السيئة في تخريب العلاقة بينهما.

واليوم، والإخوة في الإمارات العربية المتحدة يحتفلون بيومهم الوطني الـ47، تحت شعار «هذا زائد هذه الإمارات»، فدون أدنى شك نجد أنفسنا نحن السعوديين في السعودية، وفي كل مكان، نحتفل معهم وبهم وبيومهم الوطني، وكأننا نحتفل بيومنا الوطني السعودي، فيوم الإمارات الوطني هو في الحقيقة -ودون مبالغة- نشعر به وكأنه يوم وطني للسعودية والسعوديين.

إن دولة الإمارات اليوم، وهي تحتفل بذكرى توّحد إماراتها السبع، فمن جدير القول الذي يجب ذكره هنا «أن وحدة أرض الإمارات السبع مع بعضها في دولة واحدة، قد سبقتها وحدة القلوب بين شعوب إماراتها»، وقبل أن يتم التوقيع على أوراق الوحدة بينها في الثاني من ديسمبر عام 1971، وذلك حينما نجح الشيخان راشد بن مكتوم، وزايد بن نهيان، رحمهما الله، «في أن يعلنا توحد الإمارات السبع في كيان واحد، ودولة واحدة قوية، ولذلك أجدني من أجل ذلك الإنجاز العظيم أقول إنه يحق لكل إماراتي، اليوم، وهو يستعيد تلك اللحظة التاريخية أن يفتخر بوطنه، وما تحقق لها في خلال ما يقارب العقود الـ5، إلا أن أهم منجز -كما أعتقد أنا- يحق لأهلنا في الإمارات أن يفاخروا به هو منجز «الوحدة الناجحة»، والتي آخت بين سكان الإمارات ليعيشوا في أمن وسلام في دولة عصرية، أصبحت وجهة للسياح والسياحة والمستثمرين من كل أنحاء العالم، وأصبحت مقصدا لطالبي العمل، لكونها دولة تنعم بالأمن والطمأنينة والسلام، وبالاستقرار الاقتصادي.

ولعل من يزور دولة الإمارات اليوم، سيجد أنه بين وقت وآخر يشهد نموا سريعا في كل المجالات، وسيلمس أن نهضة شاملة في كل مناحي الحياة بكل إماراتها السبع تتحقق بسرعة، سواء كانت نهضة اقتصادية أو عمرانية مذهلة، أو ما تحقق فيها من تقدم كبير في مجال التعليم على مستوى كبير، نلمسه في نجاح أبناء الإمارات وبناتها الذين يقودون بلادهم مع ميزة اتسموا بها ويجدر بي ذكرها هنا، وهي «محافظتهم على إرثهم وهويتهم الإماراتية التي لم تغيرها ولم تؤثر فيها تلك الثورة التي تشهدها بلادهم، وذلك التدفق المتنوع من الثقافات والهويات والأديان للوافدين إليها من كل بلاد الدنيا، وأظن الإماراتي الرجل والمرأة في هذه الخصوصية بالذات يقدمان درسا لكل شعوب الأرض، بأن الهوية يجب أن تبقى صامدة أمام كل رياح التغيير».

وسيشهد زائر الإمارات أن تلك الإنجازات الضخمة التي تترجم على كل الأصعدة في الإمارات إلى واقع مذهل، تتحقق وفق قفزات مدهشة، ولن أكون مبالغا لو قلت إننا بين سفرة وسفرة نجد أنفسنا أمام وجه جديد يحمل ملمحا جديدا في التقدم والمنجز يتحقق في الإمارات «فهنيئا لعيال زائد وآل مكتوم» ما يتحقق في بلدهم في عمر قصير، جعل العالم ينظر إلى دولة الإمارات بعين من الإعجاب والتقدير، وهي تسجل لنفسها مكانة ورقما صعبا في محافل وميادين متنوعة، وهدفهم الذي رسموه، مثلما قال سمو الشيخ محمد بن راشد، أن يكونوا «رقم واحد» في كل شيء: في الاقتصاد، في البيئة، في التعليم، في مجال الترفيه، في مجال الأمن والدفاع، في ميدان استثمار التراث والثقافة، في مجال تقديم الخدمات الإلكترونية، في مجال الطرق والمواصلات، حتى باتت الإمارات مضرب مثل في حداثة وسائل التنقل، وباتت تقدم خبراتها في هذا المجال، ومن ركب «تاكسي دبي» -على سبيل المثال- سيدرك ماذا تعني هذه الخدمة الموثوق فيها في بلد عظيم كالإمارات، يستقلها الزائر دون قلق من سعر أو قصور في الخدمة، إلا أن «إنسان الإمارات» يبقى هدف قادتهم في دعمه، وإيجاد البيئة المناسبة التي تعمل على إتاحة الفرص له كي يبدع ويعمل، فهو الاستثمار الحقيقي لوطنه، ولأن هذا العام عام زائد -رحمه الله- فكم هو جميل أن أختم مقالي بأحد أقواله الخالدة وهو يقول: «على شعبنا ألا ينسى ماضيه وأسلافه، كيف عاشوا وعلى ماذا اعتمدوا في حياتهم، وكلما أحس الناس بماضيهم أكثر، وعرفوا تراثهم، أصبحوا أكثر اهتماما ببلادهم، وأكثر استعدادا للدفاع عنها». حفظ الله أهل الإمارات شعبا وقادة.