جاءت الأمطار - الأسبوع الماضي - في بعض مناطق المملكة وما تبعها من حالات غرق أنفاق وطرق، كان آخرها نفق مدينة الدمام، وأنفاق في جنوب وغرب مدينة الرياض، كأحياء ديراب والشفا والسويدي وغيرها، لتعيد إلى الواجهة تكرار هذه المشاهد مع كل موسم للأمطار، دون أن يكون لمشروعات تصريف السيول دور يذكر في المواقع التي تتكرر فيها الاحتجازات بسبب سوء التصريف.

وكالعادة، ومع تكرار حوادث السيول والأمطار في السنوات الأخيرة، لا ينسى بعض المسؤولين في الأمانات تبرير هذه الكوارث، واستعراض إمكانات الأمانة وإنجازاتها في مواجهة السيول.

فعلى سبيل المثال، صرّحت أمانة المنطقة الشرقية بالقول، إن «سبب إغلاق نفق طريق الملك فهد تقاطع طريق الأمير نايف، كان نتيجة نزول مياه الحارات القريبة من النفق، وقامت الأمانة بإغلاق النفق احترازيا، لحين سحب تجمع المياه من داخله، والأمانة مستنفرة الآن بكل جهودها، ومحطات تصريف مياه الأمطار تعمل بكامل طاقاتها»، وصرحت أمانة الرياض بالقول «إنها باشرت المواقع المتضررة من الأمطار فور هطولها، عبر مركز المراقبة والتحكم بالأمانة، فيما بلغ عدد أفراد الفرق الميدانية التي شاركت في معالجة مياه الأمطار والسيول 2200 مهندس ومشرف وعامل، وأكثر من 700 معدة موزعة على 180 فرقة في أنحاء المدينة».

وفي هذا الصدد كشفت «الوطن»، في تحقيق صحفي، استياء «مغردين على مواقع التواصل الاجتماعي من مشاهد غرق المركبات وسط الأنفاق التي تحولت إلى بحيرات عميقة، مطالبين الجهات المعنية بمحاسبة الشركات المنفذة للمشروعات، وتتبع الميزانيات الضخمة التي تضخها الحكومة سنويا لحسابات أمانات المدن دون أن تعالج مشكلات السيول الموسمية»، وهذا هو السؤال الحقيقي الذي لا يجيب عنه أحد، فأين هي استعدادات الأمانات والبلديات قبل هطول الأمطار؟، وماذا عن مشروعات تصريف سيول الأمطار؟، وهذا بدوره يجعلنا نتساءل عن الدور الرقابي للمجالس البلدية على هذه المشروعات.

تنص المادة الثامنة من نظام المجالس البلدية على أن «يمارس المجلس سلطاته الرقابية على أداء البلدية، وعلى ما تقدمه من خدمات خلال: التقارير الدورية التي تقدمها البلدية عن أعمالها، تقارير سير المشروعات التي تنفذ، وتقارير الزيارات التي تقوم بها اللجان المتخصصة التي يشكلها المجلس للاطلاع على المشروعات البلدية»، كما نصت المادة العاشرة على أن «للمجلس تكوين لجان دائمة أو مؤقتة من بعض أعضائه لتولي مهمات محددة، وله الاستعانة بمن يراه من خارج المجلس»، إذ يستطيع المجلس الاستعانة بالخبراء والمكاتب الاستشارية في المهمات البيئية والهندسية، وقد حددت اللائحة التنفيذية معايير اختيار الخبراء ودفع أتعابهم المالية.

ومما سبق، يتضح أن المجالس البلدية تمتلك صلاحية وسلطة التقرير والمراقبة على أداء البلدية وما تقدمه من خدمات، إضافة إلى إقرار الخطط والبرامج البلدية الخاصة بتنفيذ المشروعات البلدية المعتمدة في الميزانية، وحسب المادة الثانية من نظام المجالس البلدية، فإن للمجلس شخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري وترتبط تنظيميا بوزير الشؤون البلدية والقروية، وهذا يعني أن التقارير الرقابية للمجالس البلدية يتم رفعها مباشرة إلى الوزارة.

وبناء على ما سبق، هل قامت المجالس البلدية بدورها الرقابي الذي حدده النظام ولائحته التنفيذية، وقدمت تقاريرها إلى الوزارة فيما يتعلق بمشروعات تصريف السيول، واستعدادات الأمانات والبلديات لموسم هطول الأمطار؟ وماذا عن أداء تنفيذ الشركات المتعاقد معها من الأمانات لمشروعات تصريف مياه الأمطار المنفذة حاليا في المدن المتضررة من السيول؟ وماذا عن كفاية الجهاز الإشرافي على هذه المشروعات؟ وماذا عن متابعة توصيات دراسة مخاطر السيول؟ وماذا عن صيانة شبكات التصريف القائمة حاليا في تلك المدن؟.

إذا كان هناك بالفعل تقارير للمجالس البلدية، تتضمن الإجابة عن الأسئلة السابقة وتم رفعها إلى الوزارة، فلماذا تتكرر سيناريوهات مشكلات السيول كل عام؟ فالمنظومة الرقابية على أداء الخدمات البلدية تتكون - كما رأينا آنفا - من رقابة المجالس البلدية، وكذلك من وحدات المراجعة الداخلية في الوزارة والأمانات، ومن الإدارات الهندسية والمشروعات، وأخيرا رقابة ديوان المراقبة العامة. فأين الخلل؟.