مما لا شك فيه أن الطب هو من المهن الأعرق بالتاريخ منذ خلق الإنسان، وكانت لها مكانة عظيمة في كافة العصور منذ عصور أبوقراط (أبوالطب) حتى عصرنا الحالي، ولكن تلك المهنة النبيلة قد تشوهها تصرفات لا تصدر إلا من (قلة)، ولكن الخطأ الكبير أنها (تعمم) على الجميع، فيفقد المريض ثقته في طبيبه، والطاقم الصحي عموما.

من تلك (النوادر) القليلة هم الأطباء الذين يكثر كلامهم ويقل عملهم، فتلقاه (يلعلع) في كل فن و(يفتي) بتخصصات لا ناقة له فيها ولا جمل، وليت بعض (الأطباء) أبطال مواقع التواصل الاجتماعي حصر الفتاوى و(الطب) التويتري على تخصصاتهم، ولا نريد أن نرى (جراحا) يفتي بالتطعيمات، أو طبيب أورام يتكلم عن (مشاكل) الحمل والإنجاب.

ومن أولئك الأطباء ما ندعوهم بـ(الشعبويين) والذين يسوقون لـ(الشطحات) غير الصحيحة، ويجتزئون الأبحاث العلمية وينشرونها بمواقع التواصل، لتحقيق (شعبية) مؤقتة وإثارة لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، كما رأينا مؤخرا من شطحات غريبة عجيبة أثارت البلبلة مثل دراسات الأسبرين والجلطات وغيرها، متناسين أن الأبحاث العلمية تحتاج دراسة وتمحصا ونقدا قبل الأخذ بنتائجها، ولا تطبق على كل مريض، لاختلاف الأمراض والأعمار والحالة الصحية، وقد تنتهي بعض الدراسات (المضروبة) إلى رميها(لأقرب) مزبلة (أعزكم الله).

ومن أهم الفئات المستفزة لي شخصيا ذلك الطبيب (الطاووس) الذي يعتقد أنه (جاب) الذئب من ذيله وأصبح عملة نادرة، فتجده تارة يتعجرف على مريض، وتارة أخرى يـ(تنمر) على زميل وتناسى أن هناك ملايين الأطباء على مستوى العالم، وأن (التواضع) ومساعدة المريض هما المقياس الحقيقي لـ(جودة) الطبيب أولا، وكما قيل ذات يوم الطب بلا إنسانية كالصلاة بدون وضوء.

أكرر وأقول إن ما سبق وصفه هي من (النوادر) المسيئة للمهنة العظيمة، ولا ننكر وجودهم، ولكن في كل المهن يوجد من يسيء لها، وليت بعض الإخوة الإعلاميين يبتعدون عن تطبيق مثل (الخير يخص والشر يعم)، وليس من العدل أن نظلم الغالبية من أجل شذوذ (البعض)، فلون البالطو الأبيض الذي يلبسه الطبيب لهو دليل على العطاء والنقاء والبذل، وإن شوهه (القلة) منهم.