من يحاول أن يتوقف وقفة تأمل في وضع بلادنا المملكة العربية السعودية منذ تولي قيادتها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- إلى اليوم، ونحن نحتفل بالبيعة الرابعة، سيجد أنه أمام سجلات حافلة من الإنجازات والعطاء على المستوى الداخلي والخارجي، وسيرى أنه أمام قائمة كبيرة من المشروعات الوطنية التي تتحقق للبلاد، فمسيرة التنمية ما زالت في تقدم ونماء وتطور دون توقف، فكل مدينة وقرية في الوطن الكبير تعيش حالة من ورش العمل التي لم تهدأ، حتى يخال للمتابع لما يحدث، أن البلد بأكمله قد تحول إلى ورشة عمل كبرى، لم تتوقف خلالها آلة العمل في كل ميادين البناء والأنشطة المتنوعة، من أجل تحفيز كل الجهود، وصولا إلى رؤية المملكة 2030، سواء في المشروعات الصحية أو المواصلات، أو في الإصلاحات التعليمية التي تسارع في تنفيذ العديد من المشروعات التي تتواكب وطموحات القائمين على التعليم، أو في الجانب الثقافي أو الترفيهي أو الرياضي، أو في مجال الخدمات الحكومية واستكمال الإصلاحات الهيكلية والإدارية لمؤسسات الدولة لدعم الشباب، أو في مجال القضاء على البطالة، ودعم سوق العمل كي يستوعب طاقات الشباب من الجنسين، وفتح فرص العمل أمامهم، وتهيئتهم لمرحلة ما بعد النفط والدخول لمرحلة تنويع الصناعات غير النفطية التي تزايدت خلالها الصادرات إلى ما يقارب من 50% من الناتج المحلي غير النفطي، أو جهود الدولة في دعم القطاع الخاص لينهض بدوره الوطني في استيعاب أبناء وبنات الوطن، أو المضي قدما في سند جهود الدولة للقضاء على الفساد والمفسدين، وكلنا يعرف الحرب التي شُنت بكل قوة ضد الفساد، وأيضا المسارعة في تنفيذ المشاريع الإسكانية، ووضع الحلول في هذا الشأن، كي يستطيع كل مواطن امتلاك منزل، أو العمل في خطط استكمال التحديثات لمجالات الأنظمة العملية لرفع كفاءة العمل الحكومي الخدمي، وذلك من أجل تسهيل حياة المواطن السعودي والمقيم الذي يعيش على أرض المملكة، كي يحصل على الخدمات الحكومية بكل يسر وسهولة، أو العمل على دعم المجال الأمني والدفاعي دون توقف في ظل تزايد المخاطر الأمنية في المنطقة والعالم، ومساندة الجهود القائمة في استمرار دعم السلام الإقليمي، وبناء قوة تحمي حدود الوطن في إطار تثبيت أمن المملكة للحفاظ على استقرارها الداخلي والخارجي، ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية. هذه وقفة عاجلة على وضع بلادنا في الجهود الداخلية في عهد الملك سلمان، والمجال قد يطول للحديث حول هذا، إلا أن اللافت في كل الجهود على مستوى الداخل، أن الدولة -رعاها الله- تستنفر كل جهودها تلك، من أجل دعم الشباب السعودي، الذي سيقود مسيرة الوطن المستقبلية، وكلنا شاهدنا بالأمس، انطلاق القمرين السعوديين إلى الفضاء بسواعد وأفكار شباب سعوديين من أبناء الوطن، لتتعزز نظرية أن الشباب السعودي هم الخيار الذي يراهن عليهم ملكنا سلمان، وسمو ولي عهده، وذلك حينما تم العمل على ضخ الدماء الشابة في جسد الدولة بتولي الكثير من المهام والمناصب في إدارة الدولة، ودعم جهودهم والوقوف إلى جوارهم، وتمهيد السبل أمامهم، كي يشقوا دروبهم نحو تحقيق تطلعاتهم وأحلامهم، وطموحات الوطن والمواطن.

أما لو ألقينا نظرة خاطفة على وضع بلادنا على الصعيد الخارجي في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، فسنجد أن بلادنا لا تزال تحافظ على مكانتها وهيبتها وثقلها الديني والسياسي والاقتصادي، والجميع تابع بكل فخر وإعزاز حضور سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قمة العشرين الأخيرة التي استضافتها الأرجنتين، ولمس ما رافق ذلك الحضور المشرف من لقاءات واهتمام عالمي، وبلادنا تسجل حضورا قويا كالعادة على منصة الاقتصاد العالمي وتأثيراتها في ذلك الشأن، وسيجد المتابع أن بلادنا لا تزال تُعنى بقضايا العرب والمسلمين، وعلى رأسها قضية فلسطين، فهي تؤكد تمسكها بدعم القضية، وتصر على أن يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه وفوق أرضه، وأن يسترد أرضه باعتبار ذلك حقا مشروعا تسنده كل القرارات الدولية رغم التعنت الإسرائيلي الصهيوني، ولا تزال المملكة تدعم أشقاءها العرب والمسلمين في تأمين استقرار دولهم، ودعم حقوقهم، والوقوف إلى جوارهم، ولا تزال المملكة تعمل مع العالم في مجال مكافحة الإرهاب أينما كان وممن كان، وتسهم بكامل تعهداتها في دعم الجهود العالمية لمحاربته، وتقدم كل خبراتها في سبيل القضاء على الأفكار المتطرفة، والسلوكيات المنحلة التي تهدف إلى زرع الفوضى والفساد والقلاقل والحروب والاضطرابات، سيما أنها أسست لأجل ذلك المركز العالمي لمكافحة التطرف «اعتدال» الذي يلقى دعمها الكبير، وسيجد أن السعودية من أوائل الدول التي تقف تسعى لإغاثة أشقائها وأصدقائها حينما تعصف بهم الأزمات والكوارث، ولو كان لديّ مساحة أكبر لاستعرضت جهود مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.

وأخيرا وهو خير ما أختم به، لا بد لي أن أشير إلى جهود السعودية في خدمة الحرمين الشريفين، وما تقدمه من أعمال جليلة، ومشاريع ضخمة لا يمكن لمسلم منصف في العالم كله أن ينكر جهود السعودية في تقديم كل ما يمكنها لخدمة الإسلام والمسلمين، وزوار الحرمين الشريفين حجاجا ومعتمرين، وهي تعتبر ذلك من واجباتها المقدسة تجاه ضيوف الحرمين الشريفين.

ختاما، نسأل الله -العلي القدير- أن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، خير الجزاء عما قدم لبلاده في كل المواقع والمهام التي تولاها من أعمال ومنجزات، وأن يمد في عمره، ويبقيه ذخرا للبلاد والعباد وللمسلمين عامة، فبلادنا تسير وفق منهجية مستمرة منذ عهد المؤسس -طيب الله ثراه- حتى عهد سلمان الحزم، وهي سياسة ثابتة لا تتغير، انطلقت من خلالها وهي ترتكز على أسس راسخة من الكتاب والسنة لن تحيد عنها، ولن تقبل المساس بثوابتها وقيمها مهما حاول الأعداء ذلك، معتمدة في كل أعمالها على رب العالمين، فعهد علينا يا سلمان أن نبقى معك وحولك، ونحن نجدد لكم البيعة الرابعة «سلما لمن سالمكم حربا على من عاداكم، معكم في المنشط والمكره»، ولتعش بلادي وتسلم.