أتابع باهتمام جهود  مركز التواصل الحكومي في وزارة الإعلام، ومركز الاتصال والإعلام الجديد في وزارة الخارجية، إذ يقومان بجهود، وتغطيات لأهم الأحداث في السعودية، إحصاءات تربط الواقع بالماضي والمستقبل.

ولكن ما لفت انتباهي وانتباه عدد من الأصدقاء والزملاء إلى أن مخرجات المركزين متشابهة، تغريداتهما في «تويتر» أيضا، وكأنهما يخرجان من مركز واحد مع اختلاف الصياغة والأسلوب.

لا أبالغ إذا قلت إنني أحيانا لا أفرق بين ما ينشرانه في «تويتر»، للوهلة الأولى، وأحتاج إلى لحظات حتى أميّز بينهما.

سألت أصدقائي الإعلاميين في أحد قروبات واتساب التي تجمعنا، واتفق معي كثيرٌ على أن ما ينشره مركز التواصل الحكومي ومركز الاتصال والإعلام الجديد متشابه للغاية، ومن الأفضل دمجهما تحت أشراف  وزارة الإعلام، وهي الوزارة المعنية والمتخصصة في هذا المجال.

أحترم تماما أن تبادر وزارة الخارجية إلى طرح منصة إعلامية تنقل خلالها كل ما يعمل على خدمة الصورة الخارجية لوطننا الغالي، وبلغات مختلفة، وقد يكون الدافع إلى تأسيس هذا المركز هو محاولة الحصول على نشر إعلامي حر، تطلقه وزارة الخارجية وقتما تشاء، دون انتظار أي جهة أخرى أن تقوم بذلك الدور، خصوصا وزارة الإعلام.

خلال عملي في إحدى الشركات الحكومية -تحت إدارة المنطقة الوسطى في الرياض- كان القسم الذي أعمل فيه يسير وفق خطة إستراتيجية لدمج القسم الذي أعمل فيه مع مختلف الأقسام المشابهة له في كل المناطق.

كانت شركتنا لديها 4 أقسام تقوم بالدور نفسه، وكل قسم يقع تحت إدارة المنطقة التي يتبعها «قسم المنطقة الوسطى، قسم المنطقة الغربية، قسم المنطقة الجنوبية، قسم المنطقة الشرقية»، وكان لكل قسم برامجه الخاصة التي يستخدمها داخل القسم، ورغم أنه لم يتبق على الموعد النهائي للدمج لتوحيد الأقسام الأربعة تحت إدارة مستقلة، يكون مرجعها الرئيس التنفيذي للشركة مباشرة، وإنهاء تبعيتها لإدارة المناطق، إلا أن الأقسام الأربعة كانت تعمل على تطوير برامجها ودعمها تقنيا، وكأنه لا يوجد هدف للدمج.

كان هناك هدر مالي كبير في تطوير برامج قد نستغني عنها في لحظة، وفي الاجتماعات الدورية التي كنا نقوم بها للعمل على الدمج، كان كل مدير قسم يرى أن برامجه وطريقته في إدارة القسم هي الأفضل، وأنه يجب تطبيقها كما هي عند توحيد الأقسام تحت إدارة واحدة.

تأخر الدمج أكثر من مرة لأسباب مختلفة، أهمها عدم توحيد الجهود، وعدم حزم الرئيس التنفيذي في حسم أمر دمج المراكز الأربعة.

كنت ألاحظ على مديري الأقسام، وكنت نائبا لأحدهم، تراخيا كبيرا في التطوير، انتظارا لحسم الرئيس التنفيذي لأمر الدمج،

فلم يعودوا يعملون بشغف على تطوير أداء العمل، وعلى تطوير البرامج المستخدمة، أو حتى صيانتها. وتم خفض برامج التدريب للموظفين للحد الأدنى، خشية أن تنسف الجهود في لحظة ويتم اعتماد برامج وطرق أخرى لعمل القسم، واستمر العمل يسير على البركة في حده الأدنى دون أي تطوير، حتى تم الدمج بحسم من الرئيس التنفيذي الذي أمر بدمجهم بتوقيع واحد، واعتمد طريقة أحد الأقسام الأربعة. ومن هناك كانت البداية الحقيقة للتطوير والتدريب، وأصبحت أمور العمل تستنشق التغيير والتطوير بعد ركود طويل.

وتوحيد الأقسام تحت إدارة واحدة أسهم في رفع مستوى الأداء ومستوى التدريب، وأصبحت المخرجات قوية وذات جودة عالية، تخدم الصالح العام للشركة بشكل أكبر بكثير مما كان عليه الوضع في السابق.

تجربتي في تلك الشركة الحكومية قد لا تتشابه مع مسألة مركز التواصل الحكومي ومركز الاتصال والإعلام الجديد، ولكن أجزم أن دمجهما تحت سقف وزارة الإعلام سيجعل إنتاجهما أقوى بكثير مما هما عليه الآن.

توحيد الجهود سيصب في مصلحة الهدف الرئيس الذي تم إطلاق المبادرتين من أجله، وتشتيت جهودهما في وزارتين ومركزين، مختلفين في المسميات ومتشابهين في النشر والإخراج، لا يخدم الهدف الرئيس من وجود مركز إعلامي قوي يدافع عن قضايانا، خاصة في هذا الوقت الحرج الذي نحن في أمسّ الحاجة إلى إعلام قوي.