من قديم وليس من اليوم، تبقى سياسات جماعة الحوثي المدعومة من إيران، تلعب على الحيل والأكاذيب، وتقوم على المخادعات والمناورات، ليس أكثر. فمهما وعدت هذه الجماعة فلن تفي، ومهما تعهد قادتها فلن يصدقوا.

خاضت حروبا سابقة مع الرئيس اليمني السابق علي صالح، وكانت في كل مرة تتوقف للخداع بحجة قبول المصالحة، وما هي إلا مناورة تناور من خلالها، ثم ما تلبث أن تعود إلى مكرها وحربها معه، لأن هذا هو ديدن الحوثيين ولعبتهم السياسية التي لا يجيدون غيرها «المكر والخيانة»، فما بالكم إذا كانت هذه السياسة الحوثية تقف خلفها إيران التي تخادع العالم، وتتحايل عليه، ولم تصدق في أي من مواثيقها الدولية.  فما زالت تدعم الإرهاب والإرهابيين وتنكر ذلك، وتجري اختبارات على الأسلحة النووية والكيماوية، وتنكر كل ذلك.

ولهذا فالحوثي وحزب الله وكثير من الميليشيات والجماعات الإرهابية، خرجت من تحت العباءة الإيرانية، ولا يمكنها أن تخرج بجلد غير الجلد الإيراني الفارسي، الذي لم تتدثر به فحسب، بل صهرته في جلدها، فهي وهم سواء بسواء.

ولهذا، فجماعة الحوثي لن تعرف سوى لغة القوة، ولا يمكن التفاهم مع قادتها أو التعامل معها كجماعة إرهابية بغير القوة التي هم يفهمونها جيدا، ويفهمها من يقف خلفهم، وهي وحدها التي ستجعل الحوثي يأتي صاغرا رغم أنفه للتفاوض والقبول بمخرجات الحوارات الوطنية اليمنية، التي تعيد الشرعية اليمنية إلى موقعها، وتجعله وجماعته يعرفون قدر حجمهم، ويعودون إلى جحورهم، دون أن يعودوا إلى ارتكاب الحماقات، وخلق النزاعات، أو التفكير في قيادة بلد عظيم وشعب عظيم كاليمن واليمنيين، أهل حضارة سبأ وحمير، ومملكات معين وقتبان وحضرموت. اليمن السعيد الذي لم يتركه الحوثيون يسعد بما بقي له.

إن من يراقب الوضع في اليمن، اليوم، ويرصد الأحداث الجارية هناك، بعد أن استبشر خيرا بعقد قمة السويد والخروج باتفاقية تحمل السلام على الأقل في حده الأدنى لليمن واليمنيين، سيجد أن جماعة الحوثي لم تتوقف عن ممارساتها القديمة، فهي ما تزال تخرق الأمن، وتطلق قذائفها وصواريخها في كل الاتجاهات، ويقوم قنّاصتها على قتل اليمنيين الأبرياء، وما تزال تسرق المساعدات الغذائية لتستأثر بها ولعسكرها الانقلابين، وما تزال تحاصر بعض المدن والقرى التي لم تخضع لسيطرتها، وتمنع وصول المساعدات إليها.

ثم ها هو الحوثي وجماعته، ما يزالون يناورون في تسليم ميناء الحديدة، حسب اتفاقية السويد التي وقّعوا عليها بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، لأنهم يعلمون أن تسليم الميناء بالنسبة لهم، نوعٌ من الانتحار، وانقلاب على طبيعتهم الإجرامية التي لا يمكن لهم التوقف عنها و«المتاجرة بالدماء اليمنية» خدمة لإيران، فمنذ أن استولت هذه الجماعة الإرهابية المدعومة إيرانيا على السلطة، وأعلنت انقلابها في 2014 إلى اليوم، وهي لا تعرف سوى لغة الخداع والحرب، ومن المعلوم أن هذه الجماعة قرارها ليس بيد سيّدها -كما تزعم- ولا بيد أحد من قادتها، لأنهم كلهم في النهاية يُقادون من طهران، ويأتمرون بما يقوله أصحاب العمائم هناك، وبهذا فلن يكون التفاهم معهم بغير لغة القوة، لأن لغة المفاهمات، وتحكيم العقل مع جماعة إرهابية بهذا الفهم السياسي العاثر والمضطرب، لن تؤتي أُكلها، وستستمر الجماعة في ممارسة خروقاتها التي لن تجديها نفعا، ولن تحقق لها مكاسب سياسية ولا مغانم على الأرض، بقدر ما هي تسوق نفسها إلى الموت البطيء، مهما فعلت. وكل ما ستفعله، أنها ستعمل على إطالة أمد الحرب ليس أكثر، خاصة في ظل غياب الحزم في أروقة الأمم المتحدة مع هذه الجماعة التي أصبحت الأمم المتحدة تتعرف على إجراميتها مؤخرا، بعد أن استولت على المساعدات الغذائية التي قدمتها، وناورت في اتفاقية السويد التي أشرفت عليها، ولم تتقيد بها كما وردت في نصها، بل أصبح بعض قيادييها يصرّحون، أن تسليم الحديدة ليس أمرا مقبولا، ولا علاقة له بالملف الاقتصادي، وهذه بداية مناورة جديدة!.

التحالف العربي، بقيادة بلادنا المملكة العربية السعودية، حريص كل الحرص على أمن اليمن وسلامة شعبه واستقراره، وتجنيبه ويلات الحروب، إلا أن هذه الجماعة الحوثية لها رأي آخر، كونها يد أو أداة في يد الإيرانيين الذين لا يهمهم أمن اليمن ولا سلامة أراضيه ولا شعبه، وهذا هو الفارق الذي كان على أهل العقل -لو كان في هذه الجماعة عقلاء- أن يعرفوه، وأن يعلموا أن اليمن عربيٌّ، وأن التحالف العربي قدّم لهم ما يمكن أن يعينهم على الحياة، إلا أنه لا يمكن له التنازل عن أرض عربية للفرس لتحكم من إيران، ومن أهل العمائم، مهما كان الثمن، وهذا يصبّ في إطار الأمن القومي العربي المهم، بينما إيران الفارسية الغريبة على أهل اليمن في اللغة والثقافة، وفي الطبع السياسي القائم على إشعال الحروب والفتن، لا يهمها أهل اليمن عاشوا أم ماتوا، فكل ما يهمها تصدير ثورتها، وتشتيت اليمن وأهله، وفي النهاية تصدير الموت والقتل والحروب، وجعل منطقتنا العربية تعيش أبدا على صفيح ملتهب من الفتن.