أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله أمراً ملكياً بإنشاء مركز التواصل والاستشراف المعرفي. وتضمن الأمر الملكي سبعة عشر مادة لتنظيم مركز التواصل والاستشراف المعرفي، المرتبط تنظيميا بالديوان الملكي، ويكون مقره الرئيس مدينة الرياض، وله إنشاء فروع داخل المملكة بحسب الحاجة.

وللمركز عدة أهداف أهمها المحافظة على صورة ذهنية إعلامية إيجابية وصادقه عن المملكة العربية السعودية في الخارج، وفي سبيل تحقيق ذلك الهدف، يقوم المركز بجمع وتحليل المعلومات الإعلامية والدراسات والبحوث المتعلقة بالقضايا والظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحلية والإقليمية والدولية، ومدى تأثيرها سلبا أو إيجابا على صورة المملكة العربية السعودية. هذه خطوة - من وجهة نظري كشخص قضى خمس سنوات يدرس الإعلام والاتصال في بريطانيا - عظيمة، وستشكل نقلة نوعية على صعيد الدبلوماسية الثقافية لوطننا. وفي الدول المتقدمة هناك جهات تقوم بأدوار مشابهة لتحقيق أهداف مرتبطة بالصورة الذهنية الوطنية.

 للمملكة العربية السعودية دور عالمي اقتصادي كبير، ولها أعمال إنسانية في كافة دول العالم بمختلف الطرق والموارد، تساعد المملكة الفلسطينيين بقطاع غزة، وتؤمن الغذاء والدواء لليمنيين، كما تساهم في توظيف مئات الآلاف من سكان شمال إفريقيا من خلال مشاريعها الاستثمارية هناك، وقبل فترة ليست بقصيرة دعمت دول جنوب آسيا على رأسها باكستان بـ6 مليارات دولار. وتوفر الدعم لعدد كبير من المنظمات الخيرية العالمية على رأسها الأمم المتحدة.

السعودية تؤمن أيضا بالشباب حول العالم، وتدعم المشاريع الابتكارية للناشئين في كثير من الدول من بينها أميركا. السعودية تمد يد العطاء للمرضى حول العالم عبر عمليات طبية مكلفة قد لا يقدر على تكلفتها كثيرون مثل فصل السياميين بشكل مجاني ولوجه الله.

السعودية سبّاقة لمعاونة الحجاج والمعتمرين القادمين لأداء فريضتي الحج والعمرة، كل ذلك مجرّد قطرة من بحر لتاريخ ممتد بالعطاء، ولكن مدى انعكاس ذلك بالشكل اللائق في الإعلام العالمي أمر جدير بالدراسة. هناك نوع من الفجوة بين الواقع وبين الصورة الإعلامية. مركز التواصل والاستشراف المعرفي والإعلام العالمي يسعى حسب البيان لردم هذه الفجوة الاتصالية، والفجوة الثقافية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة في أذهان المتلقين غير المحليين.

 الجدير بالذكر أن هذا المركز جاء في وقت ليس ببعيد عن فتح الاستثمار بالسينما والسياحة مما سيسهّل عليه تحقيق مهامه المنوطة.

من النماذج التي قرأت عنها سابقا وتشبه في مهامها مركز التواصل والاستشراف المعرفي، هو مركز الاتصالات الحكومي البريطاني OFCOM. يعنى مركز الاتصالات الحكومي البريطاني بتقديم دراسات كيفية وكمية حول الجماهير والمحتويات الإعلامية المحلية والخارجية لأهداف عديدة بعضها ترتبط بالجماهير، وأخرى ترتبط بتحسين البيئة الإعلامية المحلية. يشير مركز الاتصالات الحكومي البريطاني إلى أن الأخبار اليوم، بفضل التقنيات الحديثة، باتت تصدر على مدار 24 ساعة، طوال أيام العام، وتحليلها بشكل دوري ومستمر مطلب للوصول لنتائج علمية، عن أمور مثل المحتوى المزيف والأخبار الكاذبة أو المحتوى الذي يراد به تشويه السمعة والإضرار بالآخر، أو حتى المحتوى الذي يفترض أن يكون سريا.

وبالتالي، بعد استعراض النتائج، يقوم مركز الاتصالات الحكومي البريطاني - عادة - باتخاذ إجراءات مثل إنذار الناشرين، أو تغريمهم، أو التشهير بهم أو إذا كان الناشر/‏ين مقيم في بريطانيا فربما يواجه الإيقاف من النشر وسحب الرخصة المهنية منه في حال امتلاكها.

مثل هذه الإجراءات لا تضر بحرية تعبير الناشرين، ولكن تراقب المحتويات غير الدقيقة، غير جيدة المقصد، وتقلل منها وتصحح الخاطئ فيها.

كل التوفيق أتمناه لمركز التواصل والاستشراف المعرفي والعاملين عليه لخدمة الوطن وصورته الذهنية عالميا.