في ظل التطور الكبير الذي تشهده الدولة مع رؤية 2030 في مختلف المجالات، كان لا بد من إيجاد بيئة تنافسية، تسعى فيها الجهات الحكومية إلى تحقيق التميز والريادة في أعمالها، وتضمن صمود تلك المؤسسات في وجه التحديات والقدرة على تجاوزها.

من أجل ذلك كان إنشاء المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة، الذي بدأ في إصدار مؤشراته الدورية، والتي أوضحت تسارعا في سعي المؤسسات المستهدفة إلى تحقيق الأهداف والمبادرات الوطنية.

ومع انتشار مفهوم القياس ومراقبة الإنتاجية على مستوى الوزارات والإدارات تباينت ردات الفعل بين مؤيدة ورافضة، فالفئة الأولى ترى فيه نوعا من العدل وحفظ الحقوق في التمييز بين المؤسسات والأفراد، وسيكون الصعود للقمة والحصول على المزايا مرهونا بالحصول على مؤشرات مرضية، بينما ترى الفئة الأخرى أن هناك عملية استعجال وعدم موثوقية من بعض الجهات في إصدار مؤشراتها، وأن تحوّل المؤشر من اللون الأحمر إلى اللون الأخضر كان في وقت قياسي، ودون خطط عمل أو برامج تصحيحية.

وتستشهد الفئة الثانية بأن أساس كفاءة أي مؤشر هو المصداقية والموثوقية، وتستشهد أيضا بالتباين الواضح بين المؤشرات التي تصدرها الجهات الحكومية وقد طغى عليها اللون الأخضر، وبين مؤشرات مركز أداء الذي طغت علية لغة المصداقية والموثوقية، وأوضح قصورا في قدرة تلك الجهات على تحقيق الأهداف المنشودة.

وتتخوف الفئة الثانية من ظهور ما يسمى المؤشرات الخادعة التي تسعى فيها بعض الجهات إلى إبراز التميز بأي وسيلة ممكنة، دون التمسك بالمنهجية العلمية لسلامة مؤشر الأداء والإنتاجية.

وتداولت تلك الفئة المتشائمة قصصا كان المؤشر فيها يؤدي إلى نتائج غير مرضية، ولا ندري سلامة تلك القصص والروايات، فكان تداول مؤشر انتصار الجيش الأميركي في حرب فيتنام بارتفاع عدد القتلى من الجيش الفيتنامي، ومع مرور الوقت وللبقاء على المؤشر مرتفعا تم قتل أفراد الجيش العدو والمواطنين العزل، ثم كانت قصة مدرسة التميز في إطلانطا والتي شهدت تفوقا ملحوظا لطلبتها خلال عام دراسي، وتم تكريم منسوبيها ليتم لاحقا اكتشاف أن المدرسة كانت تسمح بالغش بين طلابها للحصول على تميز دراسي.

ولتطمين تلك الفئة والتخفيف من حدة تشاؤمها نقول لها إن تلك الأخطاء قد تكون حدثت لغياب الحيادية والموثوقية والمصداقية والقيم في قياس مؤشرات الأداء. وهذا وضع قد يكون موجودا على مستوى بعض الجهات التي تستعجل النجاح، وتعتقد أن المؤشر ليس سوى ألوان ثلاثة، وتفتقر إلى الفهم الحقيقي للإستراتيجيات ولغة التحول، وهذه أمور جميعها تم تلافيها مع مركز قياس أداء الذي نهج أفضل الأساليب العالمية لمراقبة الأداء والإنتاجية، فاهتم بالمحاور الأربعة للأداء المتوازن، وهي الاهتمام بالمورد البشرية من تدريب وتأهيل وتطوير، والذي سيؤدي بدوره إلى تحسين إجراءات العمل وتحسين الإنتاجية، والتي بدورها ستؤدي إلى تقليص الهدر المالي، وسيؤدي ذلك إلى المحور الأهم وهو رضا العملاء والمراجعين.

لقد تم تصميم منهجية مركز أداء استنادا إلى أفضل الممارسات الرائدة في مجال إدارة الأداء والفعالية الحكومي، فلنطمئن على كل خطط التحول والمستقبل في وجود عين ساهرة على مراقبة سير الأداء اسمها المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة.