قبل أسابيع تناقلت وسائط التواصل الاجتماعي صورة للمذيع القدير الأستاذ غالب كامل، صاحب الحنجرة الذهبية والصوت الجميل، وتسابق المشاهير في تسجيل كلمات الوفاء لهذا الرمز الإعلامي، الذي رافقته على مدى 40 عاما بين الإذاعة والتلفزيون، وقرأت في معيّته نشرات الأخبار لما يقرب من 30 عاما كطالب مع أستاذه على منصة الأخبار.

تعلمت منه -متعَّه الله بالصحة والعافية- كيفية الانضباط، والمحافظة على الوقت، والدقة في أسلوب الحوار وإدارته، والنقل المباشر على الهواء.

كانت أياما لا تُنسى مع شخصية وعَلَم من أعلام الإذاعة والتلفزيون.

وجاءت لفتة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -وفقه الله- بعلاجه والاهتمام به، مقدرة ومشكورة لسيدي -حفظه الله- حتى عَادَ إلى حياته اليومية -ولله الحمد- بصحة وعافية، والذي يعرف أبو سايد يتذكر حياته وإبداعاته عبر عدة برامج أشهرها «لمن الكأس»، إذ تنقّل بين مناطق المملكة، والتقى الأهالي في برنامجه الشهير الآخر «سلامات»، الذي أدخل السرور على كثير من المرضى حينها، حتى عُرف ببرنامج الأَسِرّة البيضاء مع المذيعة اللاّمعة نوال نجش، كنت حينها رئيسا لقسم الإعداد بالإذاعة، ومذيعا للبرامج في التلفزيون، حَتَمَ عليَّ اليوم أن أنقل وفاء الإخوة عبر «سناب شات» وغيره في مواقع التواصل تقديرا ووفاء من هؤلاء إلى شخصية إعلامية نقلت صوت المواطن خلال نجاحه عبر برامجه المعهودة، كتب الله العافية له، إذ ملأ المكتبة الإذاعية والتلفزيونية بأرشفة عُرفت بالزمن الجميل، يحن معها الزمن أن تعاد بذكريات طفولة كثير منا.

ولئن كان مقالي عن الزميل الجميل، فإن الساحة الإعلامية ودّعت قبل أيام رجل الثقافة والإبداع في منطقة عسير، والذي يعدّ من أوائل المذيعين في محطة تلفزيون أبها، ذلكم هو المذيع مقبل العصيمي، الذي اختاره الأمير الشاعر خالد الفيصل، عندما كان أميرا لمنطقة عسير، مع نخبة من الأوفياء في المنطقة، ليكونوا من أوائل المذيعين عند افتتاح المحطة في التسعينات الهجرية، كأمثال إبراهيم نيازي، وأحمد عسيري، وعايض دلبوح، وعبدالله حميّد، وسالم المحيريق، وغيرهم كثير.

استطاع -رحمه الله- أن يسلط الضوء على جوانب مختلفة من التراث الشعبي في منطقة عسير، الغنية بتراثها الثقافي وحضارتها المعهودة، عبر برنامجه الذي خصصه للمورث الشعبي، إذ كان يمتع الجيل مع فريق عمله بحلقات جميلة في الفن الشعبي. ورغم الفترة القصيرة التي قضاها في التلفزيون، ثم انتقل بعدها للعمل الإداري في محافظات المنطقة، إلا أن إنتاجه المميز ظل في منظومة الزمن الجميل الذي يحرص عليه جيل اليوم، وعبر منصات التواصل الاجتماعي، مما يحمل الزملاء في محطة تلفزيون أبها مسؤولية الاحتفاظ بمثل هذه الأرشفة الغالية من ذاكرة الوطن، والتي يحرص -بلا شك- عليها الوزير الجديد معالي تركي الشبانة، الذي نُقّدم له من الأعماق التهنئة بالتوفيق لقيادة مرفق الإعلام في عصر التقنية وعصر التحديات، وهو ابن المهنة، بلا شك. إذ عرفته حريصا جدا على ذلك.

اليوم، عندما نتذكر رموز الزمن الجميل، فإننا نتذكر مع هذه الملامح مرحلة كانت بدايات بالأمس إلا أنها اليوم تحظى بعناية فائقة مع الدولة، وعطاء على مختلف الصعد: الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والثقافية، والإعلام في مقدمتها، إذ هو الناقل لحراك الأجيال، جيلا بعد آخر.

تمنياتي للرمز الإعلامي «غالب كامل» بالعافية والصحة، حتى يستطيع تسجيل أجمل الذكريات لتلك المرحلة من تاريخ الإعلام السعودي، ليحكي تجربته أمام جيل اليوم. والدعاء بالرحمة للصديق العزيز مقبل العصيمي، وكلمة حق نقولها لذلك الجيل الذي أبدع ورسم لنا طريق الإبداع، في وقت كانت الإمكانات ضئيلة لكن المثابرة والعزيمة كانت رهان النجاح مع هؤلاء.