كيف ستقيم هيئة الترفيه كل البرامج التي يتحدثون عنها؟

كم المدة التي تحتاجها؟

كم ستغطي من منطقة ومدينة؟

ماذا سيحدث للمواقع التي تشرف عليها هيئة السياحة والتراث الوطني؟

كيف ستفعّل هيئة السياحة المواقع الأثرية القديمة؟

من الذين تستهدفهم الهيئة العامة للثقافة؟

لماذا تتأخر هيئة الثقافة عن الدور الحيوي المنوط بها؟

هذه الأسئلة، وغيرها كثير. تدور يوميا في المجالس العامة والخاصة، وفي الصحف وعلى صفحات التواصل. كثير من الناس يرغب في إبداء أفكاره وآرائه ومقترحاته. ولكن الغموض الذي يكتنف الأدوار الفعليّة لهذه المؤسسات ما يزال في رأيي هو سيد الموقف.

من وجهة نظري، أن الصورة الشمولية التي انطبعت بها هيئة السياحة والتراث في ذهنية الناس، ارتكزت على تطوير المواقع والمنشآت التراثية، ولم تصل إلى عمق التغيير في محتوى البرامج المقدمة للمواطنين. بعكس هيئة الترفيه التي صبّت كل قوتها في الفعاليات والمناسبات والبرامج.

وبين هذه وتلك، تأتي هيئة الثقافة لتمثل الحضور الهادئ في الواقع اليومي من حياة الناس.

أعتقد أن أكبر مشكلة تواجهها هذه الهيئات حاليا، هي مشكلة التداخل وعدم التنسيق بين أعمالها المتنوعة. ويرى الدكتور أحمد الشميمري وزملاؤه في كتابهم «الأساسيات والاتجاهات الحديثة لإدارة الأعمال» أن صعوبات التنسيق تأتي من التالي:

أولا: أن تطبيق التخصص المتزايد وتقسيم العمل يرجع إلى عدم تجانس المهام والوظائف، والذي ينشأ تبعا عليه اختلاف الأفراد المسؤولين عن تنفيذ الأهداف.

ثانيا: أن زيادة حجم التنظيمات سيؤدي بالضرورة إلى زيادة التعقّد في الهياكل التنظيمية، مما ينتج عنه قصور في تبادل المعلومات، وضعف في نظام الاتصالات التنسيقية بين المستويات المتعددة.

ثالثا: عندما لا يتفهم القياديون عملية التنسيق، فإن المعلومات ستحجب وسيتم الاحتفاظ بها، مما سيسبب تعارضا للأعمال وتكرارا للأنشطة.

رابعا: التنافر بين القيادات سيخلّ بمبدأ توحيد الجهود المشتركة نحو تحقيق الأهداف العامة.

هذه الأسباب من وجهة نظري هي المنطقة التي تقع فيها أعمال الهيئات التي ذكرتها في المقال. وفي اعتقادي لو تم إنشاء مجلس تنسيقي مرتبط مباشرة بمجالس الإدارات لهذه الهيئات، تتم فيه صياغة التوجهات الأساسية للأعمال والخطط التي تعمل عليها كل هيئة على حدة. كما تتم فيه دراسة نقاط الضعف لكل جهة على حدة، والعمل على تقويتها من نقاط القوة التي تمتلكها الجهات الأخرى. أيضا يقوم هذا المجلس بتوزيع مهام وفعاليات هذه الهيئات بشكل متوازن على كل خارطة مناطق المملكة طوال العام، وبشكل دائم.

أعلم عزيزي القارئ أنك تتساءل الآن وتقول: إذًا لماذا لا يتم دمج هذه الجهات مع بعضها بعضا لتكون بقيادة ورؤية واحدة؟

وسأقول، إن صاحب القرار عندما فصل بين هذه الهيئات، فإنه يدرك تماما معنى الترشيق الإداري في منظمات اليوم. إذ إن وضع هذه الهيئات تحت 3 قيادات مختلفة، سيعطي تنوعا أكبر في اتخاذ القرار، كما أنه سيعطي وجهات نظر مختلفة، مما سيجعل هناك نوعا من التنافس بين تلك الجهات على تقديم الخدمات المميزة والجيدة للمستفيدين.

وعليه فإنني أرى أنه من الضرورة بمكان، أن التنسيق هو الورقة الرابحة التي ستعطينا أفضل ما يمكن الوصول إليه من توظيف للموارد والإمكانات المتاحة، مع احتفاظه بميزة التنافسية، وتجنّب المشكلات التي تحدث جراء دمج الجهات مع بعضها.

وأخيرا، أيها القارئ الكريم، إذا كنت أحد القياديين في منظمتك -قطاع عام أو خاص. كل ما عليك هو إزالة مسميات الهيئات من هذا المقال، واستبدالها بالإدارات والأقسام الموجودة في جهتك، لتقيّم وترى حجم المشكلة التي يجدها المستفيدون من خدماتكم، عندما تتداخل المهام والصلاحيات.