يضطلع معهد الإدارة العامة بجهود كبيرة في مسيرة التنمية الإدارية بالمملكة العربية السعودية، ولكن كأي منظمة إدارية حكومية لها باع وتاريخ طويل مجيد، فإن رياح التغيير لا بد يوما أن تطاله.

تتطلب المرحلة الحالية، مرحلة رؤية المملكة 2030، من معهد الإدارة العامة أن يتوسع نشاطه في التنمية الإدارية، وأن يتجه إلى خصخصة خدماته، وهذا التوسع في الاختصاص والمهام يحتاج -بكل تأكيد- استقلالية تنظيمية عن وزارة الخدمة المدنية، ليتسنى له دعم مسيرة التنمية الإدارية بكل استقلالية منشودة واحتراف مهني.

تنقّل معهد الإدارة العامة في تاريخه الطويل بين وزارتي المالية والخدمة المدنية، وهذه الارتباطات التنظيمية كانت لها إيجابيات وسلبيات، إلا أنه ربما يجمع معظم محبي الإدارة أن الارتباط التنظيمي أحيانا يمنع الإبداع، ويثقل المنظمة بالحواجز البيروقراطية التي تتخم بها الوزارات، هذه الحرية التنظيمية يحتاجها حاليا معهد الإدارة العامة. فتحوُّله إلى هيئة عامة يخدم خطط الحكومة الإصلاحية، خصوصا في شأن التنمية الإدارية، وحبذا كذلك لو أصبح هناك أعضاء في مجلس إدارة المعهد من الشركات العالمية الاستشارية أو المعنية بالتنمية الإدارية، ليكتسب المعهد بُعدا دوليا هو أهل له منذ زمن، وقد يسهم ذلك في إطلاع المعهد على تجارب الشركات الدولية الاستشارية التي تخدمه في سبيل تجربته الابتدائية في الخصخصة.

إن المرحلة الحالية تتطلب أن يدرس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إمكان تحويل معهد الإدارة العامة إلى هيئة سعودية للتنمية الإدارية، لها كادرها ونظامها المستقل الخاص. فهناك حراك جاد في الحكومة لإحداث تغييرات في المعهد، وهذا يتضح من قرارات مجلس الوزراء أخيرا جدا، إذ أضاف 3 أعضاء جدد -دماء جديدة- لمجلس إدارة معهد الإدارة العامة، وهذا التحرك يعني أن مجلس الوزراء يريد أن يرى تغييرا حقيقيا في رسم سياسات المعهد المستقبلية على الأقل.

ومن الأسماء التي تم تعيينها، الأستاذة هدى محمد الغصن المدير التنفيذي للموارد البشرية بشركة أرامكو السعودية، هذا التطعيم النسائي الأرامكاوي سيجلب بعض التغييرات لا شك، لهذا أتمنى أن يُدرس اقتراح إنشاء هيئة سعودية للتنمية الإدارية بشكل جاد، فإدارة معهد الإدارة العامة الحالية تقوم بجهود عنوانها الجد والاجتهاد لمواكبة رؤية المملكة 2030، وأحد هذه الجهود تنظيم مؤتمر عالمي مؤتمر «التنمية الإدارية في ضوء رؤية المملكة 2030»، خلال الفترة من 11-13 رجب 1440، الموافق 18-20 مارس 2019 في مدينة الرياض.