مهنة التعليم مهنة معقدة للغاية، هذا الأمر يصعب وصفه، لأنه يحتاج إلى التجربة، أقول هذا وأنا معلمة قضيت ربع قرن من الزمان في أروقة التعليم، المعلم يعمل في دائرة مكتظة بالبشر، بكافة أطيافهم وتنوعهم واختلافاتهم.

الحقيقة التي لا يدركها المجتمع، وحتى بعض المعلمين أنفسهم، أن عمل المعلم غاية في الخطورة والصعوبة والدقة، خطورة

لا تقل عن عمل الطبيب الجراح، وصعوبة لا تقل عن نقل الصخور، ودقة لا تقل عن جراحة مخ.. فهو يتعامل طيلة النهار مع لحم ودم وعقل وروح.

منذ استيقاظي من النوم قبل طلائع الفجر الأولى، وحتى خلودي إلى النوم ثانية قبل انتصاف الليل وأنا أتعامل مع الأرواح والعقول، هذا أمر مرهق للغاية..

منذ دخولي إلى المدرسة قبل الاصطفاف الصباحي، علي أن أمر بجموع الطالبات في الساحة، وأيا ما كان نوع صباحي فعلي أن ألقي عليهن السلام، وابتسم للعيون التي تفرغت لقراءتي من الهامة إلى أسفل القدم.

وأيا كانت صباحات الزميلات، فعلينا أن نبتسم ونتصافح ونغض الطرف عن الحزن الطافح من تلك العين، أو الأسى المرسوم على ذاك الوجه، فالوقت لا يسمح بأكثر من كيف الحال، الحمد لله.