وليد آل مساعد



مما لا يدع مجالاً للشك أن السوق العقاري بعد عدة قرارات إصلاحية، بات أكثر مرونة من ذي قبل، في سنوات مضت عشنا فيها أنماط الجشع من عقاريين ومضاربين ومستثمري رؤوس أموال، جميعهم يشتركون في الهيمنة الرأسمالية العقارية، ظناً منهم أنهم سوف يجنون الربحية المستدامة بشتى الطرق، فكان العقار يمضي بوتيرة مرتفعة ولم يكن يهدأ لنا بال ونحن نعيش أزمة الإسكان، وارتفاع أسعار الشقق التي بالكاد تكفي لعائلة من أربعة أشخاص بإيجار مبالغ فيه وبلا أدنى جودة. الجميع يشهد أن لتلك القرارات الإصلاحية من لدن حكومتنا الرشيدة كان لها أثر بالغ في تسيير دفة العقار إلى خلخلته، فجمود العقار لسنين لن يغيره سوى قرارات حازمة كرسوم الأراضي البيضاء والضرائب ورسوم العمالة الوافدة التي بدأت تخرج، ما جعل وفرة المعروض أمام ندرة الطلب هي السائدة في المشهد بسوق العقار، وهذه القرارات تسهم

بلا مواربة ودون شك في خلخلة الكيان العقاري، فهو «كيان» صامد وجامد بُني وشُيد برؤوس أموال ضخمة لا يستهان بها رغبة في جلب الربحية على حساب دخل المواطن كيفما يكون، بلا مراعاة للجودة السكنية والخدمية بما يتعلق بنمط المعيشة!

فكثير من مشكلات الشقق وفلل «الكراتين» بدت وكأنها هشة ضعيفة كلما هبت عاصفة مطرية في بعض مدننا، وكل ذلك لأجل استجلاب مقاولين غير أكفاء وليسوا ذوي خبرة في تشييد العمائر والفلل السكنية التي أصبحت تترامى على مخططات متمددة وبأسعار مهولة! العقاريون يحتزمون بتفكيرهم الثابت الذي لا يلين!، فهم يمضون في مركب واحد، بينما كل اقتصادي لديه رأي مختلف وربما مغاير عن السابق، فالدورات الاقتصادية تتغير ولن تظل على خط مستقيم وثابت، لكن الذي يعجز عنه العقل هم محتكرو العقار الذين لن يبيعوا أو يتنازلوا عن قيمتهم السوقية الباهظة الربحية لو انتظروا العشر والعشرين سنة القادمة، فهم يدركون الأخطار المحدقة بهم جيداً، ولذا هم يريدون طوق نجاة حقيقي من وراء هذا الانخفاض المزعج بالنسبة لهم!