عايض الميلبي



يأتي المريض إلى قسم الطوارئ، وبعد الكشف المبدئي، يرشده طبيبه إلى مراجعة العيادة المختصة، أو يأتي المريض مُحوّلا من أحد المراكز الصحية، أو يأتي بشكل مباشر لحجز موعد لدي قسم العيادات.

في كل هذه الحالات المطلوب موعد عند طبيب مختص، والمحصلة واحدة، أقرب موعد لزيارة الطبيب يستغرق أشهرا.

هنا، المريض يزداد وجعه، ويشعر أن أفق الأمل أخذ يضيق أمام ناظريه، فهو يتألم، وتنتابه المخاوف على مستقبله الصحي، يريد من يطمئنه على حالته بأسرع وقت، الدقيقة والساعة بالنسبة إليه عمر، فكيف له تحمل موعد يمتد أشهرا.

أمرٌ محبط لمريض يتشبث بكل بارقة أمل، بعد أن يتجرع مَن قادته غوائل الأمراض إلى ولوج معترك المصحات، صدمة واقعه، يشرع بالتفكير في كيفية التعامل مع طول مدة انتظار موعده، فيرى أن لديه 3 خيارات، أولها: الانتظار إلى أن يحين موعد لقاء الطبيب المعالج، وثانيها: الذهاب إلى المستشفيات الخاصة، والخيار الأخير هو البحث عن واسطة تُحيل أشهر الموعد إلى أيام.

وبتأمل هذه الخيارات، نستنتج أن انتظار الشخص أشهرا وهو يعاني المرض، يؤدي إلى تفاقم حالته الصحية، ويفوّت إمكان علاجه، وعلاوة على ذلك يدخله في مأزق نفسي وخوف قد يتطور إلى قلق واكتئاب، لهذا يتجه إلى محاولة متابعة حالته في المستشفيات الخاصة، إن وجد لذلك سبيلا، قد يستدين أو يقترض، كون كلفة العلاج باهظة، تستنزف جيب المريض، لكن في نهاية المطاف يطمئن على صحته التي هي رأسماله، وأساس سعادته.

وبالعودة إلى من اختار الانتظار لقلة حيلته، أو لأن حالته قابلة للصبر والتحمل، هذا الآخر أيضا حينما يحلّ موعده يجد أن عيادة طبيبه مزدحمة، وحولها شد وجذب، فعدد المنتظرين لا يتناسب مع قدرة الطبيب البشرية، لذا يمرون عليه مرور الكرام، إذ إن الطبيب ملزم بإنهاء طابور الانتظار خلال ساعات عمله، وكأني بالمريض يقول «يا أبو زيد ما غزيت». مَن يده في النار ليس كمن يده في الماء، المريض تضيق الأفق أمامه إذا تأخر موعد علاجه.

وكحلٍّ عاجل أرى أن المستشفيات بحاجة إلى زيادة عدد الأطباء المختصين، مثلا بدل عيادة واحد للباطنية حولها عشرات المرضى، يزاد العدد حسب حاجة كل محافظة، ثم إنه يتم استقبال موظفي القطاع الخاص من المواطنين والوافدين في المستشفيات الحكومية، الأمر الذي خلق ضغطا إضافيا على المواعيد والأَسِرة، فليت وزارة الصحة تقنن هذا الجانب، خصوصا إذا ما علمنا أن هؤلاء لديهم تأمينا طبيا، يمكّنهم من العلاج في القطاع الصحي الخاص.

ختاما، نسمع وزارة الصحة تقول، إن من ينتظرون أشهرا حالتهم غير طارئة، لكن إذا نظرنا إلى الواقع نجد العكس، فنرى من انتظر وتفاقمت حالته وتدهورت، فالمريض بحاجة إلى حلول، وليس إلى جرعة من التبريرات المخدرة، أملنا أن يكون القادم أفضل في ظل الاتجاه لخصخصة الخدمات الصحية.