يبدو أن هذا الانتقال ملازم للأمة العربية في كل تحولاتها، مهما كانت الجهة أو الموضوع، ما دامت حدوده تبتدئ وتنتهي بالشرق الأوسط.

كأننا نخاف من كل محاولة للنهوض، أو لدينا في جيناتنا جيوش مقاومة لكل محاولة لبلوغ الأمل، تبحث دائما عن ذريعة ليس فقط لبلوغ الهدف، بل وحتى بلوغ الأمل. والمرأة السعودية ليست بعيدة عن هذا، بل هي أحد قوالبه المعدة سلفا، والصالحة تماما -بكل ما حولها- لهذه التراجيديا العربية الموجعة.

في عام 2016، كانت المرأة السعودية ابتسامة في وجه العالم، وهي تخطو بكل ثقة نحو تمكين حقيقي قاده الأمير محمد بن سلمان، بشجاعة نادرا ما توجد في العالم العربي، بدا معها أنه مشروع شامل تناول وضع النساء في المحاكم وقضاياهن الشخصية مثل نفقة الأطفال، وأصبح تمكين المرأة هدفا للوزارات والجهات التي تعنى بالتوظيف والتدريب.

منح محمد بن سلمان، المرأةَ السعودية ثقته التي ألهمت المجتمع كله، وقادته نحو التغيير بطريقة ناعمة هادفة مغيرة شجّعت كثيرا من النساء، ليس على الحلم فقط -بمزيد من التمكين- بل بتقديم مبادرات حقيقية، والحديث في كل أنواع وسائل التواصل عن الحاجات التي يطمحن إلى أن يحققها لهن الوطن.

في المقابل، خبت الأصوات الكارهة للمرأة.

لكن في لحظة ما، وتحديدا بعد القبض على سيدات كان لهن مشروعات ومبادرات حقوقية، بدا أن الخطاب الكاره للمرأة استقوى فجأة، وقرر الاستفادة من الموقف وتعميم ما حدث، وضم كل امرأة تدافع عن حقوق النساء إلى قائمة الاتهام. هذا دفع كثيرا من النساء إلى الصمت أو اللوذ بالادعاءات أو إسقاط ظروف حياتهن، مثل دعم أسرتها لها بالابتعاث، وعدم تعرضهن للتعنيف مثلا على واقع حياة شابات يتألمن، وفتح لهن المشروع السعودي طاقة الأمل بالتغيير، لكن هذه النافذة أغلقت فجأة، بل وُجِّهت إليهن سهام التخوين والمعايرة عندما أردن مواصلة الشكوى والمطالبة.

في الواقع، إننا في أزمة حقيقية، تتطلب من كل سيدة سعودية الصمود وتجاهل كل الادعاءات، والإيمان بأن الجولة لم تنته بعد، وأن لدينا رجلا في الرياض اسمه محمد بن سلمان، لم يغيره شيء، وما زال يؤمن بحقنا في نيل حقوقنا، وتحسين أوضاع حياتنا، بما يناسب معاييرنا وأهدافنا، ويحقق آمالنا.