ويعرف أي دارس أو ممارس أو مختص بالإدارة الإستراتيجية حجم التحديات التي يمكن أن تواجه أي خطة إستراتيجية يتم العمل عليها، وذلك لأن الإستراتيجيات في الأساس قائمة على التحليل الدائم للواقع الحالي، ومن ثم التنبؤ بما سيحدث مستقبلاً، وبناء عليه يتم وضع الخطط لمواجهة التغييرات المستقبلية مع حُسن التصرف فيها بالموارد المتاحة.

اختلف علماء الإدارة الإستراتيجية على مفهوم التخطيط الإستراتيجي، من حيث معرفة الرأي تجاهه، هل يتم اعتباره أداة من أدوات الإدارة الإستراتيجية، أو أنه مفهوم مترادف معها. ولكنهم يجمعون بما يشبه الاتفاق، على أن مراحل الإدارة الإستراتيجية تنقسم إلى أربعة خطوات:

أولاً: تحليل البيئات الخارجية والداخلية واستجلاء الفرص المتاحة والمخاطر المتوقعة، ونقاط القوة والضعف للمنظمة.

ثانياً: صياغة الرسالة والرؤية والأهداف والخطط والإستراتيجيات والسياسات تحت مظلة الأطر والقوانين المشرّعة لمحيط المنظمة.

ثالثاً: تنفيذ البرامج المخطط لها إستراتيجياً بالتوافق وبشكل جيد مع الموازنات المالية المرصودة في سلسلة إجراءات متّبعة.

رابعاً: مراقبة وتقييم أداء التنفيذ والانتباه للانحرافات ومن ثم تصحيح الإجراءات بما يتوافق مع ما تم التخطيط له مسبقاً.

نشاهد في هذه المراحل أن الرقابة جاءت كخطوة أخيرة لكل عمليات الإدارة الإستراتيجية. وذلك لأن أي أعمال يتم التخطيط لها ومن ثم يتم تنفيذها بدون رقابة وتقييم لواقعها الحالي مع ما هو مخطط للوصول إليه، هو بمثابة تضييع وقت وهدر للجهود والأموال والأفكار.

يدرك المجلس أهمية الرقابة الدورية والمستمرة على برامج الرؤية، ولذلك تجد هناك تعديلات تحصل بشكل دائم ومستمر للعمليات الإدارية في الحكومة. هذه التعديلات باعتقادي تدخل تحت باب المرونة التي تحاول توفيق الواقع مع متطلبات السرعة والتغيير في بيئة أعمال العصر الحالي.

في الفترات الماضية، وبحكم اهتمامي بالإستراتيجيات الحكومية للجهات المختلفة. حاولت الاطلاع والبحث في إستراتيجيات بعض الجهات على مواقعهم على الإنترنت. وقد خرجت ببعض الانطباعات.

الأول: هناك جهات متماشية بشكل جيد مع التغييرات الحاصلة في العالم بشكل عام ومع واقع التغيير في المملكة بشكل خاص، من حيث التقدم التكنولوجي وغيره، وبالتالي تشاهد أن لديها إستراتيجيات جيدة ورائعة، وتستطيع أن ترصد كثيرا من الأعمال المتوافقة مع أهدافهم الإستراتيجية.

الثاني: هناك جهات لا تهتم أبداً بالعمل الإستراتيجي والتخطيط المستقبلي. توصلت لهذا الرأي، إما لعدم تحديث مواقعهم بآخر إستراتيجياتهم التي يعملون تحت مظلتها، أو أن إستراتيجياتهم بعيدة تماماً عن الواقع المعاش، وتم وضعها من أجل أن تكون مجرد حبر على ورق، وبالتالي فإن أعمالهم أصبحت في وجهة نظري غير مترابطة مع تلك الإستراتيجيات المعلنة على الموقع.

الخلاصة من هذا المقال، في نظري أن الرقابة الإستراتيجية هي حجر الزاوية للإدارة الإستراتيجية لكل منظمة تعمل على وجه الأرض. وبدون رقابة إستراتيجية تعطيك المؤشرات عن مدى التقدم والانحرافات على الأعمال بعيدة المدى في منظمتك، فإنك عزيزي القيادي سوف تغرق وبشكل كامل في الأعمال اليومية الدائمة، وبالتالي ومع استمرار التغييرات الحاصلة في بيئات منظمتك الخارجية كلياً وجزئياً، فإنكم ستنفصلون تماماً عن الحياة وتحديثاتها المستمرة، مما يترتب عليه خسائر دائمة وعلى جميع النظم المالية والإدارية والبشرية ووو الخ. مما سيجبرك في النهاية على الخروج من دائرة المنافسة، وهذا بالطبع ما لا ترغبون فيه.