تعد الجمعية الجغرافية السعودية إحدى الجمعيات العلمية المتخصصة، وتمثل نموذجاً رائداً للجمعيات العلمية الوطنية المتخصصة، وهي جزء من منظومة مؤسسات المجتمع المدني المسؤولة عن النهوض بتنمية المجتمعات، بما تقدمه من نشاطات وفعاليات تسهم في توعية المجتمع، بما يتصل بتخصصها العلمي وتطلعاتها ورؤيتها نحو خدمة المجتمع، علاوة على أنها تُعدّ مسؤولة عن بلورة ما تمثله من تخصص علمي ينضوي تحت مظلتها، وبما يتضمنه التخصص من مفاهيم وبرامج ومتطلبات تطويرية في مجاله التطبيقي والعلمي، وبما يقدمه أعضاؤها من جهود تعاونية تطوعية، وما يتطلعون إليه من إنجازات واستجابات لحاجاتهم وآمالهم وتطلعاتهم من تلك الجمعيات التي ينتمون إليها.

تميزت الجمعية الجغرافية السعودية بتفوقها على سائر الجمعيات الإنسانية السعودية لعدة مرات، فاستحقت مكان الصدارة باستحواذها على المرتبة الأولى 7 مرات على التوالي، في تقييم جهود الجمعيات الإنسانية التي تحتويها جامعة الملك سعود تحت مظلتها المؤسسية، وذلك خلال تقييم مستوى الأداء والتنظيم الإداري وحجم الإنجازات العلمية، والاهتمامات المختلفة التي تنضوي تحت مظلتها، وما يتصل بذلك من معايير علمية ومؤشرات تؤكد أنها بزت زميلاتها في الميدان الاجتماعي والتخصصي.

تسعى الجمعية الجغرافية السعودية في رسالتها إلى تفعيل الخبرات الوطنية الجغرافية ضمن إطار مؤسسي محُكم، بما يسهم في التقدم العلمي الجغرافي وتحقيق التوازن البيئي والحضاري، وتدعيم الإسهامات المجتمعية والتنموية عبر الأنشطة التعليمية والبحثية والاستشارية والتدريبية، في مختلف المجالات الجغرافية وتقنياتها، وبما يُسهم في تحقيق التطوير الذاتي لخبرات منسوبي الجمعية، وتوسيع نطاق إسهاماتهم الفعلية وفق أعلى المعايير في إطار العقيدة الإسلامية والتراث العربي والإسلامي؛ وتعزيز قنوات التعاون والشراكة وطنيا وإقليميا ودوليا. وتهتم الجمعية في رؤيتها بالوصول إلى التميز في تعميق وتوسيع المعرفة الجغرافية لدى المتخصصين وأفراد المجتمع، وتفعيل تطبيقاتها في الفضاء التنموي والبيئي والحضاري الوطني والدولي.

وتصدر عن الجمعية سلسلة من النشرات العلمية الجغرافية، كدراسات وبحوث علمية بلغت في مجموعها «76 بحثا ودراسة علمية محكمة»، علاوة على المجلات المتخصصة، كالمجلة العربية لنظم المعلومات الجغرافية «22 عددا»، وسلسلة الريف والمدن في المملكة العربية السعودية، والكتاب الجغرافي، وتهتم في دراساتها بالبيئة الجغرافية الوطنية الطبيعية والبشرية، بإبراز علاقة الإنسان بالبيئة ودوره في تنميتها والحفاظ عليها، وما يتصل بذلك من دراسات اجتماعية وسكانية واقتصادية وبيئية وطبيعية مختلفة.

ومن جانب آخر، فإن الرحلات العلمية الداخلية والخارجية تعد جزءًا من نشاطات الجمعية المميزة في التعرف على أرجاء الوطن وطبيعته، علاوة على توثيق العلاقات الثقافية والعلمية مع الدول الأخرى، وقد بلغ عدد رحلاتها العلمية «23 رحلة علمية»، منها 16 رحلة علمية داخلية، و7 رحلات علمية خارجية إلى عدد من الدول العربية وغير العربية، وهذه الرحلات تصاحبها محاضرات وندوات علمية وورش عمل وحلقات نقاش علمية، تتناول بالدراسة المناطق المستهدفة بالزيارة، لما يعود بالفائدة على خدمة البحث العلمي الخاص بالمناطق الجغرافية المختلفة، في الوطن بصفة خاصة والدول الأخرى بصفة عامة، والتي تجاوز عددها «85 فعالية».

وقد أنشأت الجمعية «جائزة الإدريسي للتميز الجغرافي»، تشجيعا للجغرافيين في الابتكار وإنجاز البحوث التي تسهم في إظهار إبداعات الجغرافيين الأصولية والتطبيقية، وذلك بعد موافقة الجمعية العمومية الـ23 للجمعية الجغرافية السعودية عام 2007. ومما يجدر التنويه إليه، أن جميع تلك الإنجازات والإنتاج المبدع المتنوع في عطائه وفائدته كان في الفترة من 2004-2019.

مما لا شك فيه، أن ذلك التميز في العطاء والرقي في المنجزات كان وراءه رجل مميز في خلقه أولا، وفي إدارته وعلمه ثانيا، أخلص في أدائه وتفانى في جهوده التطوعية التي حوت جميع المنجزات على اختلاف مشاربها، لتكون في أفضل مستوى وأحسن عطاء ممكن، وذلك بالتعاون مع فريق علمي مميز في أدائه وعطائه، وإدارة تشاركية مسؤولة، وبذلك تميزت الجمعية الجغرافية السعودية.

ومن منطلق الأمانة الوطنية والمسؤولية العلمية والاجتماعية، فإن ما تميز به رئيس الجمعية الجغرافية السعودية وفارسها المترجل، أ. د محمد شوقي مكي، ونائبه أ. د محمد الربدي، ليستحق الإشادة بجهودهما ومنجزاتهما العلمية والأكاديمية والإدارية والمجتمعية، بما يؤهلهما ليكونا نموذجين وطنيين يُحتذى بهما، في المضمون العلمي، والإنتاج السخي، والعطاء التطوعي المتدفق.

وقد أثرى فارس الجمعية، أ. د محمد شوقي مكي، المكتبة الجغرافية الوطنية بإنتاجه العلمي الشامل لمختلف الدراسات الجغرافية البشرية، والتي منها الدراسات السكانية والعمرانية والحضرية والاقتصادية، ومنها ما يتعلق بتطوير المدن السعودية وتخطيطها، وفق معايير علمية جغرافية مدروسة، وقد تناولت الدراسات مختلف المناطق في المملكة، بموضوعات وأبحاث ثرية بمضمونها العلمي وفائدتها الوطنية، علاوة على ما تمت ترجمته من كتب وما تم الإسهام به في إنشاء أطالس ومعاجم جغرافية، وقد حظيت مشاركاته بأوراق علمية وأبحاث مميزة، أهمية بالغة في المؤتمرات العلمية المتخصصة، العالمية منها والإقليمية والوطنية.

أما في المجال الأكاديمي، فقد أشرف على عدد كبير من الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه في الجغرافيا، علاوة على مشاركته في عدد من اللجان العلمية لمناقشة الرسائل وتحصيل الدرجات العلمية، وتقلّد خلال ذلك عددا من المناصب الأكاديمية والإدارية في جامعة الملك سعود، وشارك في كثير من اللجان العلمية والأكاديمية المنظمة لتطوير العمل الإداري والأكاديمي في القسم والكلية والجامعة، علاوة على إسهامه في كثير من الفعاليات الرسمية الوطنية والاجتماعية المختلفة بمشاركات مميزة.

وتقديرا له، فقد مُنح عددا من الأوسمة والدروع لجهوده ومشاركاته الثرية، الوطنية منها والإقليمية والدولية، والتي منها: وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، لجهوده في أعمال اللجنة العلمية بمناسبة الاحتفال بمرور 100 عام على تأسيس المملكة 2000، ودرع من الجمعية الجغرافية السورية بمناسبة المشاركة في ندوة المعجم الجغرافي السعودي والمعجم الجغرافي السوري في 2001، وشهادة خبير في جغرافية العمران من مركز السير الذاتية من كمبريدج في 2005، وشهادة رجل عام 2005 من المعهد البيبليوجرافي الأميركي (ABA) للجهود الطويلة في خدمة الجمعية الجغرافية السعودية، ورجل عام 2005 لإسهامه الفعال في خدمة تخصصه ومجتمعه، وميدالية تعيين شرفي لنائب المدير العام لآسيا في المركز البيبليوجرافي الدول (IBC) من كمبريدج في 2006، وجائزة بلاتو السنوية العالمية للتعليم، للإسهام الفعال في تعليم الجغرافيا في 2006، وشهادة موريتيوس (Meritorious Decoration) في 2006، للإسهام الفعال في حقل الجغرافية الحضرية، وشهادة خبير في جغرافية العمران من المعهد الأميركي للسيرة الذاتية عام 2006، وشهادة الفكر المتقدم للقرن الـ21، والمقدمة من المعهد الأميركي للسيرة الذاتية، تقديرا للإنجازات في خدمة جغرافية المدينة المنورة في 2007، وميدالية ذهبية وشهادة القرار العالمي في 2007، المقدمة من المعهد الأميركي للسيرة الذاتية، تقديرا لخدمة الجمعية الجغرافية السعودية لمدة 25 عاما.

كما حصل على وشاح وشهادة المدير العام الشرفي للمركز البيبليوجرافي الدولي، من كمبردج في 2007.

وختاما، ألا يستحق هذا العطاء المميز أن تُخصص باسمه جائزة للتميز في الإنجاز الوطني العلمي والتطوعي؟!، نحتاج دوما إلى تقدير كفاءاتنا الوطنية، ورموزنا التي تبذل من الجهد والفكر والعطاء اللامحدود لخدمة الوطن والمواطنين، وما يسهم في رقي الوطن وتحفيز مواطنيه للتميز.