تتنوع مشاريع وبرامج وزارة الإسكان في تنفيذ الخطط التنموية والسياسات الوطنية المعنية بها؛ لتحقيق الاستقرار الاجتماعي للمواطنين، وبما يساهم في تعزيز مقومات الأمن الأسري؛ وكأحد مقومات بناء الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، وأحد سبل تحقيق الأمن الوطني.

 ولقد حظي صندوق التنمية العقاري، طوال مسيرته برعاية دائمة ودعم مستمر من ولاة الأمر، مكنته من المساهمة الفاعلة في مسيرة البناء والتنمية، لقطاع الإسكان في خطط التنمية المتعاقبة لحقب سابقة، والذي تبلور في قرض طويل الأجل ودون فائدة مادية تذكر للمستثمر -وزارة الإسكان-، وذلك بهدف دعم إمكانية تملك المواطن لسكنه الأسري وفق ضوابط وشروط، بحيث احتوى مجمل الشرائح المجتمعية التي تدفعها الحاجة والظروف الاجتماعية والاقتصادية للاقتراض المدعوم من الدولة.

 ولذا فإن الصندوق يعد من أهم مؤسسات الإقراض المتخصصة، ومن أكبر مؤسسات التمويل العقاري الحكومية، وقد أنشئ صندوق التنمية العقارية بمرسوم ملكي رقم م/‏23 بتاريخ 11 /‏6 /‏1394 (1974)؛ للمساعدة في تغطية تكاليف البناء لجميع المواطنين في المملكة في مختلف المناطق.

 ومع النمو السكاني المتزايد، تدهورت خدماته وتباطأ في دعمه للمواطنين، وتراكم المطالبون بالقروض للدعم السكني، بعد أن تأخر توفير القرض لسنوات من الانتظار حتى توقف، وذلك بعد أن تعثرت الوزارة في الاستمرار في الإيفاء بالآلية المسبقة لعمل الصندوق.

 وتجاوباً مع احتياجات المواطنين ومطالباتهم بالدعم الحكومي لامتلاك سكن، فقد صدر قرار مجلس الوزراء «82» في 5 /‏3 /‏1435 والخاص بالموافقة على تنظيم الدعم السكني، بأن يتم استقبال طلبات الدعم السكني (وحدة سكنية – أرض سكنية – قرض سكني – أرض وقرض سكنيان معا) من خلال البوابة الإلكترونية لوزارة الإسكان؛ وبأن تسري أحكام هذا التنظيم على جميع طلبات القروض السكنية المقدمة لصندوق التنمية العقارية.

وقد تضمن القرار «82» كذلك؛ استثناء الطلبات المقدمة على الصندوق، التي لدى أصحابها أرقام قبل تاريخ 23 /‏ 7 /‏1432؛ بأن تعامل وفقًا للإجراءات المعمول بها قبل العمل بهذا التنظيم، وأن يصرف الصندوق المبالغ اللازمة لذلك من رأس ماله الحالي، ولأصحاب هذه الطلبات – الذين تنطبق عليهم الشروط الواردة في التنظيم – تعديل طلباتهم للاستفادة من الدعم السكني الذي سيقدم بموجب أحكام هذا التنظيم.

ومما يذكر أن صندوق التنمية العقاري أطلق في فبراير 2017، برنامج «التمويل المدعوم» بالتعاون مع البنوك والجهات التمويلية، تماشيا مع برنامج التحول الوطني 2020، ورؤية المملكة 2030، ويستهدف مضاعفة أعداد المستفيدين لستة أضعاف عن آلية الإصدار القديمة، وبما يخدم جميع قائمة الانتظار خلال خمسة أعوام.

 وفي إطار متابعة بيانات الهيئة العامة للإحصاء بخصوص الإسكان لمنتصف العام 2018، تجد أنه وبعد أكثر من أربعة عقود زمنية من تنفيذ مشروع صندوق التنمية العقاري، فإن نسبة تملك المواطنين لسكنهم الخاص لا تتعدى نسبة 51.7%، وذلك بعد استبعاد المساكن المبنية من غير المسلح (الشعبية) لأنها ترتفع إلى نسبة 60% مع المنازل الشعبية (الطين والحجر والطوب والبلوك)، وإن نسبة 60% من التملك للمسلح من المساكن هو التطلع المستهدف لعام 2020.

 ومن خلال ما تم تداوله في وسائل الإعلام حول اللقاء مع وزير الإسكان تبين منه؛ أن هناك حول 7 ملايين وحدة سكنية موجودة في السوق الوطني (6,900 ملايين)، وأن منها 3.600 ملايين يشغلها المواطنون، بينما هناك مليونا وحدة مشغولة بغير المواطنين، وهناك مليون وحدة شاغرة من تلك الوحدات السكنية! وأنه من التحديات التي تواجه الوزارة كما ذكر الوزير:

- تقليص فترة الانتظار في قائمة المطالبين بالدعم السكني على اختلاف برامجه.

- النمو المتزايد في نسبة غير المواطنين للاستفادة من الوحدات السكنية المدعومة.

- عدم التوازن بين مبلغ وحجم ونوعية العرض المقدم من الوحدات السكنية، والطلب عليها.

 السؤال المطروح على وزارة الإسكان والذي يدعو إلى العجب من سياساتها وإجراءاتها التنفيذية، أليس هناك شروط وضوابط لتنظيم ذلك الدعم الموجه للمواطن؟ أليس الهدف من مشروع الدعم السكني هو مساعدة المواطن لتملك سكن له ولأسرته؟ وكيف تتم إتاحة مليونين من الوحدات السكنية لغير المواطنين من السكن المدعوم؟ وإذا كان بهدف التأجير الميسر، فلماذا لا يكون ذلك التأجير مشروطا بأن يكون للمواطنين؟، هذا مع العلم بأن نسبة المستأجرين من المواطنين لسكنهم تبلغ 37.6 % من إجمالي المساكن المشغولة بأسر سعودية في منتصف العام 2018، ويقطنها 31% من إجمالي أفراد الأسر السعودية، بينما لا يشغل السعوديون، من المساكن المقدمة من صاحب العمل سوى 1.74% وبما يشكل 1.34% من إجمالي أفراد الأسر السعودية!.

 وعليه فإن التساؤل المطروح؛ لماذا لا يتم تفعيل قرار مجلس الوزراء 82، والخاص باستثناء الطلبات المقدمة على الصندوق، التي لدى أصحابها أرقام قبل تاريخ 23 /‏ 7 /‏1432، والذي ينص بأن تعامل وفقًا للإجراءات المعمول بها قبل العمل بالتنظيم الإلكتروني الجديد؟، ولماذا يُستثنى المواطنون من بدلات السكن في القطاعات الحكومية؟ ولماذا يُستثنى المواطن من مميزات تحصيل كثير من برامج السكن والبدلات والوحدات المقدمة من صاحب العمل أو المنشأة أو المؤسسة؟

 مما لا شك فيه أن هناك حاجة ماسة لمراجعة سياسات وبرامج الإسكان بصفة عامة، وبرامج وزارة الإسكان السابقة والجديدة على وجه الخصوص، وذلك يشمل آلية تطبيقها ونوعيتها ومدى خدمتها لتطلعات المواطنين، وذلك في إطار اهتمام القيادة نحو تحقيق جودة الحياة ومستهدفات رؤية 2030، أو ما يتعلق منها بالمتابعة المطلوبة لواقع البرامج السكنية التي تم دعمها بمختلف وسائل الدعم المطروحة في التنظيم؛ كما أن هناك حاجة لتيسير كافة سبل الدعم لبرنامج تملك المواطنين للسكن، والذي يعتبر من أولويات التنمية الوطنية، وهناك حاجة كذلك لاستيعاب متطلبات المواطنين وحاجاتهم، وبما يتوافق مع مختلف الظروف الاجتماعية والاقتصادية ومع اختلاف الأذواق والاهتمامات لاختلاف الشرائح الاجتماعية، وهناك حاجة لتعميم مشروعات الإسكان المدعوم في جميع مناطق المملكة ومدنها، وألا يقتصر نشاطها على ستة مدن أو خمسة، حيث إن جميع ذلك من شأنه أن يساهم ليس في تحقيق الأمن الأسري والمجتمعي والوطني فحسب، وإنما سيساهم في إعادة توزيع السكان وتصحيح الخلل فيه، بما يخدم تحقيق تطلعاتنا التنموية لجميع المناطق.