نعمة جامع



بعد ما نشر أحد محرري الصحف المحلية تحقيقه الصحفي الأخير الذي كان بعنوان «بسماعة وبالطو أبيض»، إذ كان الطبيب الذي نقل كل ما رأى في مستشفيات القطاع العام، كنت أتمنى لو تنكر في دور المريض، وأخذ جولة في مستشفيات القطاع الخاص ليكشف للناس بعض ما يحدث هناك.

مستشفيات القطاع الخاص ما هي إلا منشآت تجارية، تقدم خدمة صحية حسب معيار السعر وليس معيار الجودة، وهذا ما يجعلنا نقف أمام هذه المنشآت التي استمدت قوتها من حاجة الناس، ابتداء من أسعار الكشف المبالغ فيها التي تزيد ولا تنقص، ودون استثناء، حتى حاملي بطاقات التأمين يدفعون نسبة إضافية لما يتعرضون له من تحاليل وفحوص لا مبرر لها، لمجرد أن التأمين هو الذي يدفع في الآخر!

وهذا ما يدفعني إلى السؤال: إذا كان المريض يعاني من مرضه، فهل لا بد أن يعاني من ثمن دوائه؟!

وتزيد معاناة المريض عند قسم الطوارئ، إذ لا يمكن دخول المريض إلا بعد المرور على مكتب الدخول، ودفع مبلغ تحت الحساب، أو ما يسمى تكاليف العلاج قبل تشخيص المرض ومعرفة ما العلاج!

وتزيد معاناة المريض مع الأطباء الذين يعملون في عياداتهم الخاصة، وبأسعار أعلى، بعد ما كسبوا سمعة وأصبح لهم زبائن، وهذا من حق الطبيب.

فأنا مع الطموح والامتياز، ولكن ضد الطمع والجشع، خاصة إذا كان على حساب الآخرين.

ومن قصص معاناة المريض، ما حدث مع سيدة حامل ذهبت إلى المراجعة، وعملت فحوصا طبية، وبعد نقاش مع الطبيب المختص وسؤالها عن عدد أطفالها وعن طبيعة الولادات السابقة، أخبرته أن عدد الأطفال 3، طفلان ولدا بطريقة طبيعية والطفل الثالث -وتحت ظروف خاصة- تمت الولادة بعملية قيصرية، ليقطع حديثها ويخبرها بكل صدق أن من سياسة المستشفى أن أي امرأة حامل لها ولادة سابقة بعملية قيصرية ستكون ولادتها بعملية قيصرية، والغريب أن المريضة سألت هل هو إجراء طبي مبني على أسس، أم هو قرار إداري قائم على حسابات خاصة، فكانت الإجابة لا هو قرار إداري بحت، والسبب أن الأطباء في القطاع الخاص لا يستطيعون التوفيق بين مواعيد عياداتهم الخاصة، وبين مواعيد مرضاهم في المستشفيات الخاصة، وهذا ما دفع الأطباء إلى اختصار الوقت والجهد واختيار الحلول المناسبة لهم، دون اعتبار لشخص وكرامة المريض.

وتختلف الصور، إلا أنها تتفق في زيادة معاناة المريض، خاصة قطاع الأسنان، ومعاناة المرضى في هذا القطاع -تحديدا- في انتشار الهوس التجميلي أكثر من الوعي الصحي وسلامة الأسنان العلاجية، لدرجة -ودون مبالغة- أصبح الجميع يملك الابتسامة نفسها «زي ما يقولوا...... ومن جوه يعلم الله».

ما أريد قوله، هو لا بد أن تقف وزارة الصحة بحزم، وتضع حدا لما يمارس ضد المريض من جشع واستغلال وإهمال وتجاوز، بفرض ما يعرف بتقييم أداء الأطباء، وبالتأمين الشامل، والرقابة الصحية على كل المنشآت الصحية العامة والخاصة، حتى يستطيع الجميع الاستفادة من الخدمات الطبية بشكل أفضل.

في النهاية، أختم مقالي بسؤال: كيف الصحة؟