تحدثت عن المرحلة الأولى من مراحل الإدارة الإستراتيجية، إذ تم إيضاح التحليل والتقييم للبيئة الخارجية العامة والخاصة، إضافة إلى أساليب وتقنيات تحليلها.

وسنكمل المتبقي من المرحلة الأولى. إذ إن من أهم أركانها، ركن تحليل وتقييم البيئة الداخلية للمنظمة.

ويقصد بالبيئة الداخلية، أنها مجموعة العوامل والمكونات والمتغيرات المادية والمعرفية والتنظيمية ذات الصلة الوثيقة بحدود المنظمة.

وتتكون عناصر البيئة الداخلية من:

أولا: الهياكل التنظيمية، والتي تتعدد أشكالها، بحيث يصل إلى 8 أشكال، منها على سبيل المثال الهيكل البسيط، والهيكل الخليط، والهيكل الشبكي.

ثانيا: الثقافة التنظيمية، وهي القيم والمعتقدات والافتراضات والطقوس والعادات والرموز، وتأتي أهمية الثقافة من عدد من العوامل منها، أنها تعطي الإحساس بالعضوية والانتماء.

ثالثا: الموارد، وهي إما ملموسة مثل المالية والمادية، أو غير ملموسة مثل التكنولوجيا والشهرة والمعرفة، أو بشرية مثل المهارات والمعارف والتحفيز.

رابعا: القيادة الإستراتيجية، بحيث أن وجود القادة الإستراتيجيين يعدّ أحد أبرز مزايا البيئة الداخلية للمنظمة.

أما ما يتعلق بمداخل تحليل البيئة الداخلية، فهي 4 مداخل.

يأتي مدخل التحليل متعدد الاتجاهات على رأسها، ويعمل هذا المدخل على تحليل المنظمة بشكل عمودي وفق التقسيمات الإدارية، ثم يعمل بشكل متداخل نزولاً إلى الأسفل.

يأتي بعده مدخل التحليل الشامل والجزئي، ويعمل هذا المدخل بدايةً على تحليل مركز المنظمة الشامل بشكل منفصل، ثم يحلل لاحقا وظائف المنظمة وأنشطتها بشكل جزئي.

وثالث هذه المداخل، يأتي مدخل التحليل المستند إلى الموارد، بحيث يتم تحليل الموارد المختلفة في المنظمة، إما بشكل عام أو بشكل مركّز ومعمق للموارد الأهم، أخذا في الحسبان وجودها.

وأخيرا، يأتي مدخل سلسلة القيمة، وهو عبارة عن مدخل يقسّم عمليات المنتج إلى نشاطين: إما نشاط أساسي، وإما نشاط مساند.

كل هذه المداخل عزيزي القارئ تأتي أهميتها من كونها تبحث -وبشكل مفصّل- عن معرفة أين يقع مركز المنظمة في بيئتها المحيطة، ومن ثم يحدد موقعها التنافسي.

وبالتالي، مقارنة هذا الأمر مع النقطة الأخيرة في المرحلة الأولى، والتي يجب الوصول إليها، وهي ربط التحليل البيئي بتحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات SWOT.

يرى المؤلفان أنه لغرض الاستفادة عمليا من معطيات تحليل البيئتين الخارجية والداخلية، فإنه يفترض أن يوضع هذا التحليل في إطار صورة شمولية، يمكن الاستفادة منها في القرارات الإستراتيجية التي سيتم صياغتها لاحقا.

ولذلك، فإن كثيرا من الدراسات والكتب في هذا المجال تجعل نقطة التحليل الكبرى هي لعمليات SWOT، رغم وجود عمليات تحليلية متجددة وأفضل منها. ولكن لسهولة هذا التحليل وقدرة المنظمات على تفعيله، فإنه يبقى هو النظام السائد في غالبية المنظمات.

وهو عبارة عن مصفوفة يأتي في بُعدها الأفقي الأعلى مربع لنقاط القوة، ثم مربع لنقاط الضعف، ثم يأتي البُعد الرأسي لتكون الفرص البيئية المتاحة هي المربع الأعلى، وتحتها يأتي مربع التهديدات البيئية.

ثم تتكون داخل المصفوفة 4 مربعات داخلية، الأعلى يمينا هي تلك التي تجمع بين نقاط القوة والفرص المميزة، وهذا وضع مثالي يجب استغلالها بإستراتيجية هجومية، أما الأعلى يسارا فهو المربع الذي يجمع نقاط الضعف مع وجود فرص بيئية، وهنا يجب أن تكون إستراتيجية المنظمة إستراتيجية تحوّل وتدوير، أما الأسفل يميناً فهي منطقة تجتمع فيها نقاط القوة مع التهديدات، وهنا يجب أن تكون الإستراتيجية تنويعية، أما الأسفل يساراً فهو مربع يتحدث عن نقاط الضعف مع التهديدات، وهنا يتوجب أن تكون الإستراتيجية إستراتيجية مساندة ودفاع.