في مقال قديم جدا لي، شبّهت المرأة بحارس المرمى، واليوم أستعيد معكم تداعيات هذا التشبيه، بعد كل التطورات السريعة التي طالت مجتمعنا مؤخرا، خصوصا فيما يتعلق بالمرأة.

فكرة القدم، وهي اللعبة الشعبية الأولى في العالم، تتكون من أحد عشر لاعبا، أحدهم يشكل نصف الفريق والعشرة الآخرون يشكلون النصف الآخر، الأمر الذي ينطبق على المرأة في المجتمع، فهي تشكل نصف المجتمع، بغض النظر عن غلبة المجتمع الذكوري من ناحية القوة أو الكثرة.

ويتمتع حارس المرمى بصلاحيات مؤثرة، تجعله مختلفا تماما عن أعضاء الفريق -تتمتع المرأة بالصلاحيات نفسها التي تميزها تماما عن الرجل- إذ يسمح له بمسك الكرة بيديه، رغم أن اسم اللعبة كرة قدم!.

كما أن القانون يحميه من أي تدخل عنيف أو مؤذٍ من أفراد الفريق الآخر، لكن -وعند لكن هذه تفترق الطرق- لا يحق له ممارسة هذه الصلاحيات أو التمتع بالحماية سوى داخل حدود منطقة الجزاء فقط. أي أن خروجه عن حدودها حتى بربع خطوة يجرده منها.

أمر آخر، حارس المرمى يرتدي زيّا مخالفا تماما لزملائه، هذا أمر لا يشعره بالتوحّد، أو يُصنّف على أنه أحد أشكال العنصرية، بل يعدّ من مميزات الحارس التي يعتز بها، لأنها ترفع من شأنه وليس العكس.

حارس المرمى قد يملّ من منطقة الجزاء، أو يرى أن فريقه في حاجته، أو يستهين بالفريق المقابل، فيغادر منطقته نحو الخطوط الأمامية، وهو حين يفعل ذلك قد يحرز هدفا مفاجئا، أو يسهم فيه -وهذه حالات نادرة- لكن الأكثر احتمالا، بل والغالب، أن يتعرض مرماه الخالي للهجوم المضاد الذي يضاعف خسارة فريقه، ويسبب له شخصيا كثيرا من المشكلات والانتقادات على مستوى الإعلام والجماهير، وقد يتعرض للعقوبة الإدارية أو الفنية إذا تكرر منه ذلك.

وطبقوا كل ذلك على المرأة.

وقد يتخلى الحارس -مختارا- عن أهم صلاحياته، فيتعمد التعامل مع الكرة بالقدم لا اليد داخل منطقة الجزاء، مقلّدا زملاءه في الفريق، وهو بذلك يربك خطة المدرب بالكامل، و«يلخبط» منظومة الفريق، بل قد يتسبب في كارثة كروية لفريقه، علما بأن استخدام القدم للحارس أمر مشروع كُرويا، ولا يتعارض مع القوانين، وهو أمر قد تفعله المرأة عندما تتخلى عن صلاحياتها التي تميزها كليّا عن الرجل، وتتعمد تقليده رغم تمتعها بصلاحيات أفضل تمكّنها من تحقيق ذاتها، مما يجعلها عودا في حزمة ضررها أكثر من نفعها، كما يفعل الحارس عندما يتخلى عن يديه اللتين تجعلانه أطول من الجميع، ويفضل قدميه اللتين تضيعان بين الأقدام، بل إنها أضعف تلك الأقدام، لأن جميع التدريبات منصبّة على يديه، وتم اختياره حارسا منذ البدء بناءً على مواهبه في استخدام اليدين والجسم وليس القدمين، كما هو حال بقية اللاعبين.

إن منافسة المرأة للرجل قد يكون أمرا مشروعا وليس محرما، كما هو حال الحارس عندما يستخدم قدميه داخل منطقة الجزاء، لكنها ستفقد ذاتها الجميلة التي منحها الله إياها، وتعرّض مجتمعها للربكة عندما تتداخل الأقدام والأدوار.