لعل من تابع بشكل جيد تفاصيل رحلة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى باكستان ثم الهند، والصين الشعبية، ربما استرعته بدايةً تلك المشاهد المهيبة من الاستقبالات الحارة الممزوجة بكثير من الود والتقدير والاحترام، التي قوبل بها سمو ولي العهد حفظه الله، وهي في الحقيقة استقبالات تعكس التقدير الكبير الذي تحظى به بلادنا السعودية، بما لها من مكانة لائقة «حكومة وشعبا وأرضا» ولله الحمد والمنة.

 فالعالم كله بدوله وشعوبه يعلم حقيقة مصداقية وشفافية الدبلوماسية السعودية، والسياسة الحكيمة المعتدلة التي تنهجها حكومة بلادنا وفق الله ولاة أمرها، وهي سياسة متزنة رصينة، عادة ما تكون الحكمة والحنكة والصبر وطول النفس والاتزان، تشكل عناوينها البارزة في التعاطي مع كل القضايا المحلية والإقليمية والدولية.

 ومن يقرأ في التاريخ عن العلاقات التي تربط المملكة بهذه الدول التي زارها سموه، سوف يكتشف أنها ضاربة في أعماق التاريخ، فهناك محطات من التبادل التجاري منذ القدم، ومن العلاقات التي يمثلها تبادل المصالح المشتركة، بحكم أن تلك الدول تعد اليوم من أسرع الدول في تحقيق النمو الاقتصادي السريع في العالم، وكنتيجة طبيعية لتلك العلاقات منذ القدم، فيوجد ملايين من عمال تلك الدول يعملون في مصانع وشركات في بلادنا.

 ولهذا فجولات سمو ولي العهد نحو الشرق الآسيوي تعكس روح السياسة السعودية، التي تسعى إلى توثيق الشراكات مع كل الدول سواء في الشرق أو الغرب، وهي تعبير عن جدية المرحلة المقبلة في توثيق الروابط والعلاقات مع كل الأطراف الدولية، التي يمكنها تبادل المصالح المشتركة مع بلادنا، في إطار من تحقيق المصالح العامة، التي تعمل على توثيق العلاقات، وتحقيق النمو والازدهار، والتطور للوطن والمواطن على حد سواء.

 من هنا، فلا غرابة أن يجد سمو ولي العهد حفظه الله، ذلك التقدير والاحترام والاحتفاء الباهر، التي تبدو فيه مشاهد «كسر البروتوكولات» معبرة عما تحظى به بلادنا من مكانة بارزة لها بين دول العالم، نظرا لما تتسم به سياستها كما أسلفت من عقلانية واتزان ومصداقية، ونظرة شاملة لا تسوقها الانفعالات، ولا تتحكم فيها الأهواء، مما جعل أغلب دول العالم تسعى إلى العمل على توثيق علاقاتها مع بلادنا على كافة الأصعدة، وتسعى هي إلى ذلك الأمر، لأنها تعلم مصداقية وشفافية الدبلوماسية السعودية، التي يهمها أن تكون علاقاتها مع دول العالم قائمة على الاحترام والتقدير، دون التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، في نفس الوقت الذي ترفض فيه المملكة تدخل أي طرف كان في شؤونها الداخلية، وهذا هو النهج السياسي السعودي والخط الذي ينهجه قادة بلادنا منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، حتى عهد سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز وفقه الله، وهي سياسة ثابتة تسعى للمحافظة على أمن البلاد واستقرارها، وحماية مواطنيها وحدودها، والمحافظة على المصالح المشتركة مع كل الدول التي تربطها علاقات وثيقة مع بلادنا.

 ونحن بفضل الله ونعمته، نعلم كل العلم أن بلادنا تسير وفق خطى حثيثة نحو أن تكون واحدة من دول العالم القوية في كل المجالات التي يشار إليها بالبنان، لأن ولاة أمرنا في بلادنا يعلمون أن الرهان الذي يراهنون عليه في تحقيق ذلك الأمل المنشود، إنما هو على «الإنسان السعودي» الذي هو يعد الثروة الحقيقية التي يتم استثمارها اليوم في ظل التوجه العام للدولة، والدعم الجاد الساعي نحو تقديم كل الفرص العملية والمهنية والوظيفية والعلمية للإنسان السعودي «رجلا كان أم امرأة»، وكذلك التحفيزية التي تعينه على تثبيت جدارته، وهو اليوم كما نرى ونلمس ذلك يثبت وجوده في كل ميدان يطرقه، وصولا إلى رؤية 2030 م بإذن الله وتوفيقه، التي تحمل بشائر الأمل في تحقيق نهضة منشودة لدولة حديثة، ستعمل بتوفيق الله على تخطي الصعاب، وتجاوز التحديات التي تحيط بالمنطقة، وإلى استثمار كل الثروات الطبيعية والمعدنية والبشرية التي حبا الله بلادنا بها، ولا نخشى في ذلك الطريق بإذن الله أي عائق، خاصة وأن الثوابت التي قامت عليها بلادنا هي ثوابت راسخة وقيم أصيلة، لن تتغير، ودائما ما يؤكد عليها ولاة أمرنا في كل لقاء ومحفل ومجمع، وهي تعد مصدر أمان واستقرار وسلام للمجتمع السعودي، المحب لدينه، والمخلص لقادته، والعاشق لوطنه.