تعيين صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود سفيرة للمملكة لدى الولايات المتحدة الأميركية بمرتبة وزير ليس بغريب، فالمتابع لمسيرة المرأة السعودية في السنوات الأخيرة سيجد بدون أدنى شك أنها أثبتت وبقوة قدرتها على تولي المناصب القيادية، وقد احتلت المرأة السعودية الصدارة في العديد من القوائم العالمية مثل قائمة «فوربس» لأقوى 200 امرأة عربية، كانت من ضمنها الأميرة ريما آل سعود كونها رئيسة ومديرة تنفيذية لـ«ألفا إنترناشيونال»، وهي واحدة من الشركات الكبرى، ونادية خالد الدوسري، الرئيس التنفيذي والشريك في شركة السيل الشرقية المحدودة، والأميرة مضاوي آل سعود رئيسة مجلس إدارة شركة لوذان، والقائمة تطول.. ومن جهة أخرى نجد أن المملكة قامت بتدريب المرأة وتمكينها عبر إلحاقها بالتعليم العالي والابتعاث، والاشتراك بالمحافل الدولية، والملحقيات والبعثات الدبلوماسية، وتبوئها مناصب إدارية عليا، مما رفع درجة جاهزيتها للتمثيل القيادي، سواء في الوزارات أو حتى في السفارات والقنصليات.

المملكة اليوم أدركت أن أسس ومفاهيم التنمية الشاملة تحتم عليها للنهوض أن تعتمد فيها على كل طاقات مجتمعها البشرية، حتى تصل إلى نتائجها المطلوبة، فلا يمكن لتنمية أن تنجح في أي دولة وهي تركز على نصفها وتهمل نصفها الآخر، فالمجتمع كالجسد، لا يمكن الاهتمام والعناية بنصفه وإهمال باقي أعضاء جسده، وإلا فستكون الأمراض هي مصيره الحتمي. وهذا ينعكس على قصة التنمية في كل المجتمعات، فنجد أن الحكم على المجتمعات يأتي غالبا من الطريقة التي يتعاطى بها مع المرأة، فنقول مثلاً هذا المجتمع حضاري عندما تكون المرأة فيه منطلقة الفرص وخياراتها متساوية مع الرجل، ونقول هذا المجتمع منغلق عندما تكون المرأة فيه حبيسة العادات والأدوار البيولوجية والمنزلية.

إن ما يحدث في المملكة من تحولات، خاصة فيما يرتبط بحقوق المرأة السعودية، هو ما تفرضه فلسفة التنمية وقيمها الإنسانية. وأما من يحاول الالتفاف على هذه القرارات ويفسرها بعقلية المؤامرات والاستهداف الخارجي، فهو بذلك يجهل الطبيعة البشرية والسنن الإلهية في الكون التي لن تجد لها تبديلا أو تحويلا. وما نشاهده اليوم من تعيين أول سفيرة سعودية في أميركا الدولة العظمى ما هو إلا خير شاهد على نجاح وشمولية التنمية السعودية.

فالحقيقة تقول والشواهد التاريخية تؤكد أن السلطة السياسية عندما تكون منفتحة على حقوق المرأة تكون هي العنصر الحاسم، خاصة عندما تنظر القيادة للوعي العام في الحركة النسوية، وهذا ما نشهده تاريخيا في كل القرارات المتعلقة بحقوق المرأة السعودية، بدءا بتعليمها في مدارس التعليم العام، مرورا بعملها الوظيفي خارج بيتها، وصولا إلى حقوقها السياسية في مجالس الشورى والمجلس البلدي مرشحة وناخبة، والسماح لها بحقها في قيادة السيارة وأخيرا في تعيينها سفيرة.

أخيرا أقول: المنطق التنموي يفرض علينا المعادلة التالية: خير لنا أن نكون، لا ألا نكون.