في العاصمة بكين وفي الوقت الذي تم الاتفاق خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس الجانب السعودي في اللجنة السعودية الصينية رفيعة المستوى، على البدء في وضع خطة لإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي على جميع المراحل التعليمية في المدارس والجامعات السعودية، يوجد العديد من الطلاب الذين يدرسون اللغة الصينية على حسابهم الخاص، ولعدم وجود تخصص اللغة الصينية ضمن تخصصات الابتعاث فإنهم يعانون من تحمل تكاليف الدراسة والمعيشة. وجدت العديد من الطلاب يخبرونني بأنهم في بداية ابتعاثهم للصين كان هدفهم هو دراسة الهندسة، ولكن أثناء دراستهم اللغة الصينية التي تعد أحد شروط القبول في الجامعات الصينية وقعوا في غرام هذه اللغة، ووجدوا متعة كبيرة في تعلمها والتطور بها، ولذلك قرروا أن يتخصصوا في دراسة اللغة الصينية، رغم أن ذلك سوف يحرمهم من مميزات برنامج الابتعاث، ولكنهم فضلوا أن يدرسوا التخصص الذي يرغبون به ويجدون أنفسهم به، مؤمنين بأهمية اللغة الصينية، وأهمية تعلمها، ويجدون أنه هناك حاجزا لغويا وثقافيا بين الشعب السعودي والشعب الصيني، فبنوا من علمهم جسرا بين الثقافتين والشعبين، يحاولون في كل مناسبة أن يترجموا كل ما يعزز مكانة المملكة العربية السعودية في الصين، يترجمون معلومات قيمة عن رؤية المملكة 2030 يعرضونها في الأيام الوطنية الدولية، وفي الأيام الثقافية بالجامعة، ويستغلون كل مناسبة للتعريف بمنجزات السعودية، ويستطيعون الوصول إلى قلوب الصينيين لأنهم يجيدون لغتهم، يبهرونهم بمدى إتقانهم لغتهم، ويتعمد بعضهم استخدام اللهجات ليكون أقرب لهم في التواصل، ويرضي القليل من غروره كلما لاحظ نظرات الإعجاب والدهشة في أعين الصينيين من إتقانه لغتهم.

التعليم العام والجامعات في السعودية مع إقرار اللغة الصينية، بحاجة لكثير من المعلمين والمعلمات المتخصصين في اللغة الصينية، ولذلك أعتقد أن وزارة التعليم سوف تعيد النظر في عدم ضمهم لبرنامج الابتعاث، وأنها سوف تضيف تخصص اللغة الصينية ضمن تخصصات الابتعاث للصين، وأنها سوف تفتح المجال للراغبين والراغبات في هذه التخصص من خريجي الثانوية العامة، ولكن قبل كل ذلك أتمنى أن أرى الطلاب الذين يتكبدون تكاليف دراستهم للغة الصينية من حسابهم الخاص ينضمون قريبا للابتعاث، فهم مستقبل تعليم اللغة الصينية في السعودية، وهم نواة لترجمة الثقافة السعودية والعربية للصينية، وهم مشروع إعلامي يمكنه العمل على تعزيز صورة الشعب السعودي وسط المجتمع الصيني.

ولأن من أهم أهداف تعليم اللغة الصينية هو تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية والصين فإني أتمنى ألا يهمل الجانب الإعلامي، الطلاب الذين سيتم ابتعاثهم لدراسة اللغة الصينية لا يجب أن يكونوا مهتمين بالتدريس والترجمة فقط، بل يجب أن يتم الابتعاث للمهتمين بدراسة اللغة الصينية بهدف العمل على تفعيل حضور إعلامي بكل الوسائل، وأن يهتموا بالمشاركة في البرامج الصينية الإعلامية التي تناقش قضايا السعودية، لأنها حتى الآن تخلوا تماما من أي إعلامي سعودي يشارك بها ويدافع عن قضايانا وينقل الصورة الحقيقية للسعودية أمام المجتمع الصيني. لا نريد أن نترك المجال لغيرنا يتحدثون فيه دون أن نتواجد ونبين ونوضح وننشر رسائل إعلامية، تظهر دولتنا في مكانتها اللائقة بها على خارطة العالم الاقتصادية والسياسية والثقافية.

متقنو اللغة الصينية هم سفراؤنا في الصين، بوسعهم أن يفعلوا ما لا تفعله مليارات الأموال التي تنفق على الدعاية المدفوعة، يجب أن نهتم بهم الآن ومبكرا للمساهمة في تعزيز العلاقة السعودية الصينية في أوساط أصحاب القرار والرأي والإعلام الصيني لتحقيق أفضل النتائج السياسية والاقتصادية.