في علم الآداء يقسّمون عملك إلى قسمين: عمل عميق وعمل سطحي.

العمل السطحي ليس شيئا سيّئا، ولكنك تحتاج أن تعمله كجزء من مهماتك وأدائك، لكن مشكلته تكبر وتتعاظم إذا صار هو الغالب على فعلك.

أكبر أنموذج للعمل السطحي، هو ما يقوم به التعليم الأميركي، ولو أردت دليلا، راجع كتب تيموثي والكر، الذي قارن بين التجربة الأميركية والتجربة الفنلندية في التعليم، وأثبت بشكل قاطع أن الممارسات الأميركية في التعليم تستنفذ جهد إدارة التعليم والمدرسة والمعلم، عكس التجربة الفنلندية.

وبمناسبة فنلندا وتوقيع الاتفاقيات معها ومع أستراليا لنقل تجربتهما، نحن في الواقع لم نستفد منها إلا نظريّا، وكل الممارسات التنظيمية تثبت بالدليل القاطع أننا مغرمون بالنموذج الأميركي في التعليم، ولا أعني أن هذا الغرام أنتج تشابها في بيئة المدرسة مثلا، ولكنه أنتج تشابها في العمل السطحي، وأهمها طريقتنا في تقويم أداء المعلم الذي أنشأنا له أكثر من 200 مكتب في طول البلاد وعرضها، ووظّفنا له أكثر من 30 ألف موظف، وأرهقنا الهيكل التنظيمي لوزارة التعليم، وهو بالمناسبة كلما تشعّب وتمدد، كلما أثّر في المعلم الواقف أمام سبورته، كما تقول كل الدراسات التي توصي عادة بتقليصه وتقليل حجمه وإبقائه أفقيا، لكن وزارة التعليم السعودي تعجبها هذه الأثقال التي تتحملها في مقابل مهمة تقويم أداء المدرسة والمعلمين، والتي هي واجب هيئة تقويم التعليم، كمقوّم خارجي، ومدير المدرسة والمعلمين الأوائل كمقومين داخليين.

ولو راجعت توصيف وزارة التعليم لمهمة الإشراف التربوي، تجدها تعدّه حلقة وصل بينها وبين المعلم في تأكيد لاتباعها نظام Top-down في تطبيق مبادرات تغيير التعليم، وهو -كما تقول الدراسات- يؤثر سلبا في المعلم الذي يعدّ نفسه أهم شخص في الموقف التعليمي مع الطالب، لذا تواصل الوزارة يجب أن يكون معه أولا، كما أن إخراج معلم جيّد من صفه ليصبح مشرفا ناقلا، ووسيطا للوزارة، يعني سلب التعليم أهمّ المؤثرين فيه بذرائع غير قوية من الممكن أن تُقضَى بطرق أخرى، كما تفعل بريطانيا وفنلندا وأستراليا، وهذا حديث آخر.