ما زلنا نتحدث في سلسلة خطوات الإدارة الإستراتيجية. وهذه المقالة تشرح الخطوة الثالثة «تنفيذ الإستراتيجية».

ويشير الباحثان إلى أن العلاقة بين الصياغة والتنفيذ متلازمتان ومترابطتان، ولا يمكن الفصل بينهما. إذ إن التأثير بينهما متبادل بشكل كبير.

فإن المنظمات الفعالة عندما تصوغ إستراتيجيتها، فإنها تستشرف المستقبل الذي ترغب في الوصول إليه، ولأن هذا المستقبل هو في حالة عدم تأكد، فإن التنفيذ الجيّد يجب أن يسدّ النقص الذي من الممكن أن تسببه عمليات الصياغة الأولى. وبناءً على هذه العلاقة الديناميكية التفاعلية، فإنه من الطبيعي أن تحدث بعض الإشكالات في التنفيذ، والتي يجملها الباحثان في التالي:

• الحاجة إلى معالجة القصور الناتج عن عدم ملاءمة الهيكل التنظيمي مع الإستراتيجية المختارة.

• عدم قدرة أنظمة الاتصالات والمعلومات على إعطاء التغذية العكسية الجيدة في مرحلة التغيير المصاحب للتنفيذ.

• الإشكالات المتأتية من الأنظمة الإدارية الداخلية «الحوافز، المكافآت، التطوير... إلخ».

وكما أن هناك إشكالات، فإن هناك أيضا متطلبات في عمليات التنفيذ، وتتمحور المتطلبات في التالي:

1. تحديد وتحليل مستوى التغيير الإستراتيجي: إذا كنت ترغب في تنفيذ إستراتيجية فعّالة، فيجب عليك أن تختار مستوى التغيير الإستراتيجي في المنظمة، إذ إن التغييرات تكون عبر 5 مستويات «استقرار، تغييرات روتينية، تغييرات محدودة، تغييرات مهمة، إعادة توجيه المنظمة».

2. مستلزمات ضرورية لازمة لتنفيذ الإستراتيجية: يشير غالب البحوث -كما يراها الباحثان- إلى أن مستلزمات التنفيذ تكون عبر:

أولا: اختيار الهيكل التنظيمي المناسب مع اختياراتها الإستراتيجية.

ثانيا: ثقافة تنظيمية متوافقة ومتقبلة للتغييرات، أو على الأقل غير مقاومة للتغيير القادم في أروقة المنظمة وفي أفكارها.

ثالثا: حشد الموارد «بشرية، إدارة عليا، تسويق وإنتاج، مكافآت، أساليب القيادة الإدارية، خطط العمل، البرامج، الموازنات المالية، الإجراءات الداخلية» في سبيل خدمة وإنجاح الإستراتيجية الجديدة المعمول بها.

وبعد إزالة كل الإشكالات التي من الممكن أن تحدث، وبعد توفير كل المتطلبات الخاصة بالتنفيذ. فإن المنظمة أصبحت جاهزة للإبحار في بحر التغيير الجديد والانطلاق نحو المنطقة المراد الوصول إليها في عالم المنافسات المتغير، ولا ينقص هذا الانطلاق إلا اختيار المدخل الجيد للتنفيذ. وتنقسم مداخل التنفيذ إلى 5 مداخل أساسية:

الأول: مدخل إعطاء الأوامر، وهو المدخل الذي يصنع فيه المديرون عمليات التحليل والصياغة، ثم إعطاء الأوامر بالتنفيذ للعاملين بتبني الإستراتيجية الجديدة.

الثاني: مدخل التغيير التنظيمي، ويركز هذا المدخل على جعل أعضاء المنظمة ينفذون الإستراتيجية خلال استيعاب بعض التغييرات فيها.

الثالث: المدخل التعاوني: وهو المدخل الذي يختص بتوفير مجموعة متخصصة في صياغة الإستراتيجية وإيجاد الآليات اللازمة لتنفيذها، ثم إجبار المديرين في كل المنظمة بالتعاون معها.

الرابع: المدخل الثقافي: وهو أوسع وأشمل من المدخل التعاوني، إذ يتيح هذا المدخل تطوير ثقافة التغيير، وذلك بإشراك المديرين والعاملين في عمليات الصياغة والتنفيذ، وذلك خلال إسهاماتهم في تطوير أعمالهم التنفيذية بما لا يتعارض مع الإستراتيجية الشمولية للمنظمة.

الخامس: مدخل النمو والتوسع: وهو المدخل الذي لا يعطي الإستراتيجية مزيدا من التركيز على أداء المهام من العاملين، بل يمنحهم الإحساس بتنفيذ روح الإستراتيجية بالطرق الابداعية التي يرونها، وغالبا ما تتم الصياغة هنا كحصيلة نهائية للأفكار الابداعية المقدمة من المشرفين في الإدارات الوسطى والذين لهم اليد الطولى في تنفيذها مسبقا.

ولكن، مع تذليل كل الصعاب أمام تنفيذ الإستراتيجية، فإن هناك منظمات تفشل في تحقيق أهدافها، وهذا يرجع إلى عوامل متعددة، أهمها: اعتماد رؤية وخطط غير واضحة، وعدم التحديد الصحيح للأهداف الإستراتيجية، وكذلك الافتقار إلى التوافق بين فريق الإدارة العليا حول الرؤية والأهداف الإستراتيجية، أضف إليها الضعف في عملية إيصال الخطط الإستراتيجية للعاملين، وأخيرا فشل العمليات الإدارية في تدعيم أنشطة تنفيذ الإستراتيجية.

وفي المقال القادم، سنتحدث عن الخطوة الرابعة والأخيرة في خطوات الإدارة الإستراتيجية للمنظمات.