السعادة شعورٌ غامر، ومزيج من الفرح والسرور والانغباط، وهو شعور لحظي، وقد يمتد إلى أوقات مختلفة، حسب الشخص ومصدر السعادة.

وقد اختلف الفلاسفة في وصف السعادة وأسبابها منذ قديم الزمان، حين قال أرسطو «السعادة تعتمد علينا نحن»، وقد وصف غاندي تحقق السعادة بمقولته «تحصل السعادة حينما يتوافق فكرك وقولك وفعلك».

ورغم الأقوال الكثيرة عن السعادة، لكني توقفت مرارا عند قول الطنطاوي رحمه الله: «ليست السعادة بالأموال ولا القصور، ولكن بسعادة القلب، وإن أقرب طريق إلى سعادة القلب أن تدخل السعادة على قلوب الناس، وإن أكبر اللذات لذة الإحسان».

نصحو يوميا على تلك الدراسات العجيبة -من نوعية «أبوريالين»- أنّ كوبا من عصير الأفوكادو يطيل العمر ويبعث السعادة، أو أن «الموز» والشوكولاتة سرّ سعادة المرأة، ولن أُفاجأ أن أرى ذات يوم أن نبات «الفقع» قد يتصدر السباق البحثي في البحث عن السعادة، لأن هناك من يترك أبناءه وأحبابه والدنيا، ويتمرغ في التراب بحثا عنه.

في رأيي المتواضع، إن أكبر مصادر السعادة والبهجة، هو الابتعاد عن المحبطين المحملين بالطاقة «السلبية»، الذين يرون قوس قزح «كئيبا» مظلما، تجد ذلك الصنف من الناس في كل مجال.

فذلك المشجع الذي اشتهر بصياحه و«بكائياته»، لأن فريقه المدلل لم يحصل على ضربة جزاء في نهاية كل مباراة «كعادته الكريمة»، وذلك «الموظف» الذي «يتحلطم» يوميا بسبب شراسة مديره. نرى الطبيب «الطاووس» وهو يتململ مُطلِقا سهامه على كل زملاء العمل، باعثا جوّا من الكآبة والحزن حيثما حل.

ومن مظاهر الطاقة السلبية، تلك البكائيات في وسائل التواصل الاجتماعي، مثل البكائيات التي تصور أن الكون مقبل على دمار شديد وقريب، ومنها «الحلطمة» الثقافية التي يقوم بها المثقفون المتفننون في نقد كل شيء، حتى «جزيئات» الأكسجين.

وكما أن الإنسان يرتعب من انتقال الأمراض المعدية إليه، ويتخذ الوقاية الأساسية مثل التطعيمات وعدم مخالطة المصابين بالأمراض المعدية، أَخرِجْ كل من يكدر يومك، ولا يرى إلا اللون الأسود القاتم.

وكي لا نصاب بعدوى النكد، علينا الفرار من «المتحلطمين» كفرارنا من «الجرب»، لأن الكآبة معدية والسعادة «أيضا»، وقد قالوا قديما: «جاور السعيد تسعد».