يساهم القطاع الخاص بدعم الاقتصادات الوطنية في جميع دول العالم، ويلعب دوراً مهما في دوران عجلة الاقتصاد وتوليد الوظائف وزيادة الإنتاج المحلي الإجمالي للدول. عالمياً تبلغ نسبة مساهمة القطاع الخاص بالناتج المحلي الإجمالي حوالي 70%?، وقد تصل المملكة إلى هذا الرقم مع التحول الاقتصادي الكبير امتداداً لرؤية 2030 المباركة.

عالميا...اشتهرت الشركات الكبيرة بتوفير بيئة عمل خاصة للموظفين للإبداع، من توفير إجازات ورحلات ترفيهية مدفوعة الثمن، إلى إلغاء ساعات العمل الإلزامية، وقياس إنتاجية الموظف فقط، وتطور الأمر إلى تقديم مكافآت مجزية. ومن أشهر الأمثلة، عندما أقدم كين غريندا على بيع شركة «غريندا كورب» الأسترالية للحافلات، التي تمتلكها أسرته في فبراير عام 2012، قام بتوزيع ما مجموعه 15 مليون دولار أسترالي (أي 11.5 مليون دولار أميركي)، على موظفي الشركة البالغ عددهم 1.500 موظف، كهدية شكر وتقدير لجهودهم. كانت تلك خطوة كريمة حقاً لدرجة أنها أكسبته لقب «أكرم صاحب عمل في العالم» (نقلاً عن BBC news).

محليا...رغم تلك المساهمة القيمة من القطاع الخاص، إلا أننا ما زلنا نرى تلك الأقلام (المتشائمة) و(المثبطة) و(السوداوية)، التي تنتقص من مساهمات القطاع الخاص، وتحاول تحطيم (معنويات) الشباب السعودي بالترويج بأن القطاع الخاص لا يهتم بالكوادر المحلية، ولا يوفر لهم البيئة المناسبة. لا تفرق تلك الأقلام بين شركات وطنية رائدة دربت ومكنت آلاف السعوديين، وبين مؤسسات صغيرة نهشت الاقتصاد بـ(التستر) والتلاعب التجاري.

واجه القطاع الخاص حملة غير مسبوقة على التشكيك بدوره في المجتمع... وواجه رجال أعمال اتهامات من الجهات (الشعبوية)، متناسين أن رجل الأعمال جزء من المجتمع، وأن نجاح شركته هو نجاح للاقتصاد الوطني، لذا عند الحديث عن تجارب إيجابية لرجال أعمال استطاعوا النهوض بالقطاع الذي يعملون به، تفضل الوسائل الإعلامية عدم ذكر الاسم (رغم أن ذلك محفز لرجال الأعمال الآخرين ليحذوا حذوهم)، والحمد لله نحن نفخر برجال أعمال آمنوا بأهمية تقديم خدمة نموذجية واستقطاب الشباب السعودي وتدريبهم وإعطائهم الفرصة ليتولوا المراكز القيادية.

صحياً... تميزت إحدى المجموعات الطبية السعودية قاريا وعالميا، واستطاعت البروز والثبات في خلال ربع قرن، وتميزت تلك المؤسسة بالدعم المعنوي لموظفيها والتي أعتقد أنها أحد أسباب النجاح للمؤسسات والشركات العالمية، وهناك دروس معنوية وعملية يجب أن نتعلم منها:

1- رغم الجوائز الكثيرة والمميزة والعالمية مثل جائزة الجودة الأوروبية الشهيرة من أكسفورد إلا أن القاعدة تقول إن الموظف دائما (شريك النجاح) هو من يتسلم الجائزة وليس الإدارة لتحفيز وتشجيع الإبداع تطبيقاً لمثل (من زرع حصد).

2-تكريم البارزين والمنجزين بتسمية (قاعات) التعليم الطبي والمؤتمرات بأسماء من خدموا تلك المجموعة بدون تمييز بين جنسية أو لون أو جنس (أحياء منهم وأموات).

3-إظهار الموظفين حتى أصحاب المناصب الصغيرة بالمناسبات الكبيرة وإبرازهم والافتخار بهم، وليس مثل بعض المؤسسات الحكومية التي عنوانها (للشيوخ فقط)

4- الوفاء لشركاء النجاح عبر المحافظة عليهم وعدم التفريط فيهم، وهذه صفة إنسانية تعني الكثير للموظف، وتعد محفزاً للاستمرارية بالعطاء إلى آخر المشوار، وليس كبعض المؤسسات (اللي تأخذك لحم وترميك عظم)

5-الدور في تأهيل وتدريب الشباب السعودي، ومن ثم تأهيلهم لمقاعد قيادية بالشركة أو بالقطاع الحكومي.

إذا أردت أن تعرف بعض القصص الملهمة عن الشباب السعودي، ونجاحاتهم بالقطاع الخاص فانصح بقراءة مقال  عطية عقيلان المنشور بصحيفة الجزيرة بعنوان (تحت الصفر)، وهي قصة ملهمة عن الكفاح والنجاح والبيئة المناسبة (مجموعة د.سليمان الحبيب الطبية) بالقطاع الخاص. إذا اقتنعت بأهمية زرع الولاء بالمنظومة العملية من خلال الأمان الوظيفي والتقدير المادي والمعنوي وإعطاء الصلاحية والفرصة للإبداع والابتكار.

شخصياً أفضل العمل بالقطاع، لمرونة الأداء وسرعة التنفيذ والبعد عن كلمة (طال عمرك) و(أبشر)، وكلي ثقة أن الشباب السعودي مع التحفيز والدعم والتدريب سوف يحققون المستحيل لأن طموحهم يعانق عنان السماء.