مسألة ترجمة لفظ الجلالة (الله)، بلفظ (GOD) في اللغة الإنجليزية، أو بأي لفظ في أي لغة أخرى، جرى فيها خلاف بين أهل العلم؛ فبعضهم ذهب إلى أنه لا حرج على من أطلق اسم (GOD) على (الله) جل جلاله؛ إذا كان ذلك من لغته، أو لم يكن من لغته؛ لكنه احتاج إلى ذلك، وأجازوا ترجمة أسماء الله لمن لا يعرفون اللغة العربية بلغتهم، إذا كان المترجم بصيراً باللغتين، وأمينا في النقل والترجمة، وعلى علم بالشرع، قياسا على جواز ترجمة معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتفهيمهم الدين، وكما قال الشيخ ابن تيمية ـ رحمه الله - في كتابه (درء تعارض العقل والنقل: 1 / 43)، تحت عنوان (جواز مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم): «وأما مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه، إذا احتيج إلى ذلك وكانت المعاني صحيحة، كمخاطبة العجم من الروم والفرس والترك بلغتهم وعرفهم، فإن هذا جائز حسن للحاجة، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يحتج إليه. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم، لأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص ـ وكانت صغيرة فولدت بأرض الحبشة، لأن أباها كان من المهاجرين إليها ـ فقال لها يا أم خالد،«هذا سنا»، والسنا بلسان الحبشة الحسن، لأنها كانت من أهل هذه اللغة. ولذلك يترجم القرآن والحديث لمن يحتاج إلى تفهمه إياه بالترجمة، وكذلك يقرأ المسلم ما يحتاج إليه من كتب الأمم وكلامهم بلغتهم، ويترجمها بالعربية، كما أمر صلى الله عليه وسلم، زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود، ليقرأ له، ويكتب له ذلك، «حيث لم يأتمن اليهود عليه..»؛ وترجح عند المحققين من أهل العلم أن من أراد ترجمة لفظ (الله) عليه أن يبقيه باللفظ العربي، وأجازوا لمن يريد أن يكتبه، كما هو، أن يكتبه بالأحرف غير العربية: (ALLAH)..

الإشكال في هذه المسألة منحصر في المعنى، وليس في الحروف ـ النصارى العرب يكتبون (الله) بالعربية، ويريدون به التثليث ـ، والإشكالية تبدو ظاهرة في الترجمة الحرفية لأسماء الله تعالى إلى لغة أخرى، مثل كلمة (الله) و(GOD)، والتي منعها كثير من أهل العلم لأسباب كثيرة، منها أن لفظ الجلالة (الله) يقابله في اللغات الأخرى كلمات تدل على أي معبودات أخرى عندهم، غير الله أو مع الله؛ وثبت أن كلمة (GOD) تعني المعبود، ولا تعني المعبود الواحد الأحد، ولا تكفي لنقل التصور الإسلامي لمعنى الألوهية، والسبب الآخر هو أن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية، وتدل على معان أرادها الله تعالى، والترجمة لا تضمن توفر هذا الضابط المهم، وبسبب عدم الدقة سيوصف الله بغير ما يريد وبما لم يأذن به، وهذا لا يجوز في حق أسماء الله تعالى، وهذا الضابط يجري في جميع أسماء الله تعالى وصفاته..

أختم مقالي (بدعائي) لمستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل ـ حفظه الله ـ، على غيرته الصادقة، وتوجيهه الكريم للجهات الحكومية، بمنطقة مكة المكرمة، بالقيام باستبدال كلمة (GOD) في ترجمة لفظ الجلالة باللغة الإنجليزية، أو أي لغة أخرى بكلمة (ALLAH)، و(دعوتي) بأن يمتد التوجيه، لمختلف الجهات في مملكتنا الغالية، وفي مقدمتها خطوطنا الجوية وطائراتها، التي نفخر ونفاخر بها.