للبريطانيين عبارة تعجبهم كثيرا يبشرون بها، يقولون فيها «القوة المغيرة يملكها من يقوم بالتقويم وليس من يؤدي مهمة التعليم».

في الحقيقة هذه العبارة تعكس حقيقة واقع التعليم البريطاني الذي يعتبر فيها التقويم أمرا بالغ الأهمية لدرجة ربطه بالملكة، والذي سمي بها منذ القرن الثامن عشر، حيث حمل أولا مسمى تفتيش صاحبة الجلالة إلى أن انتهى حاليا باسم مكتب معايير التعليم، ويختصر إلى Ofsted، وهو تماما مثل هيئة تقويم وتدريب التعليم لدينا والمرتبطة بمجلس الوزراء مباشرة، والتي نأمل جميعا أن تحقق للتعليم السعودي ما حققه التقويم في بريطانيا.

لكن الصورة غير واضحة مطلقا حول هذه الهيئة التي أضافت مؤخرا لاسمها تدريبا، وإذا راجعت الأهداف تجد أنها تنحصر في تقويم التدريب ومنح شهادات الاعتماد للمدربين، فما معنى إضافة كلمة تدريب؟ ولماذا أضيفت؟ هل ستقوم أم تدرب؟ حدد أرجوك.

أيضا هناك سؤال أين تكمن القوة المغيرة في الهيئة، بمعنى أن منحك مدرسة تقريرا عن نقاط قوتها وضعفها مثلا لا يعني أنها ستتبع خطتك لها لتحقيق نتيجة أفضل في التقويم المقبل، فماذا ستفعل لتجبرها على الالتزام بخططك؟.

في بريطانيا إذا فشلت المدرسة فإنها ستغير بالكامل وتسلم لشركة مستقلة تعييد تعيين الكادر كله، ويصبح اسم المدرسة وصمة عار في السيرة الذاتية لفريق المدرسة مثلا، فما أنت فاعل للمعلم السعودي ليصبح أداتك في التغيير، وبالمناسبة الدراسات تقول إن التقويم في بريطانيا حول العلاقة مع المعلم من علاقة شراكة إلى علاقة إخضاع، وهم يحاولون تخفيف حدة ذلك مع البقاء على ما جنوه من فوائد في التقويم، لكن كسعوديين فالتعليم خاضع للمعلم جدا، وهو جنة حقيقية تصور أن الطالب في المرحلة الابتدائية يكون في منزله في بعض الأيام الساعة الحادية عشرة صباحا، وبلغة أخرى يا له من يوم دراسي قصير جدا، هل علينا أن «نحزر» ما تعلمه فيه.

على كل حال دعوني أقول في جملة واحدة أنت لن تغير التعليم ما لم تخضعه أولا، ولن تخضعه إلا بفرض عقوبات تعكس ليس حزمك فقط، ولكن نيتك الصادقة في صناعة مستقبل جيد للتعليم السعودي.