بعض الوزارات تبذل جهوداً حثيثة لتمكين المرأة من تولي مناصب قيادية في الإدارات والفروع التابعة لها، وذلك تماشيا مع أهداف رؤية المملكة 2030، والتي ركزت على إشراك المرأة بشكل قوي وفاعل في خطط التنمية، وفتح مجالات العمل أمامها في القطاعين العام والخاص، وإن كان التركيز على القطاع الخاص لتوافر عدد من الفرص الوظيفية لها، وستكون المرأة قادرة على العطاء فيها بنسبة كبيرة جداً.

وهذا التجاوب في سرعة تمكين النساء من هذه المناصب القيادية يعطي مؤشراً قوياً على أن الدولة تتابع الأمر دون أن تدع للبعض الخيار، والذي إن ترك لهم فإن التأجيل والمماطلة سيكونان مصير تلك القرارات في النهاية، خاصة أن هناك فكراً نستطيع أن نقول عنه رجعي ما زال ينظر للمرأة على أنها ليست بالقدرة والأهلية لتحمل أعباء العمل المقتصر على الرجال في السابق، وأن آراءها وأفكارها بالعادة تتحكم فيها عاطفتها إلى غيرها من الأعذار التي تشبعنا من كثر ترديد البعض لها.

ولن نذكر شواهد حية لجهود النساء وتفوقهن في مجالات العلم والعمل، ما نؤكد عليه أن القرار المتخذ بحكمة وتعقل من قبل القيادة الحكيمة يحتاج إخلاصا أكبر من قبل المنفذين، وليس فقط المسارعة في الإعلان عن تكليف نساء بمناصب قيادية بعضها شكلي، بينما إدارة هذه المناصب فعلياً بيد السلطة الأعلى الذكورية، فهي من تقرر وتوجه متذرعة بأن الكوادر الوظيفية من الذكور لن تتقبل التوجيهات الصادرة عنهن بسهولة، والأمر يحتاج إلى مسايسة وجبر للخواطر.

وهذه الأعذار بلا شك واهية وغير مقبولة، وإنما يعمد إليها للتمويه، وجعل هؤلاء القياديات يعشن على أمل تحسن الوضع وتقبل الآخرين لوجودهن، وبعدها ينطلقن في مهامهن الوظيفية، وهذا الأمل مع الأسف سيطول، وإن تحقق فلن تكون المهمة سهلة، وسيكون هناك صدام من نوع آخر مع أولئك الذين يحتفظون بفكر ذكوري جاهلي لا يرى المرأة إلا في المنزل تخدم الجميع بهمة وصمت، بينما حقوقها الأخرى مصادرة.

ولأنها خاضعة له فهو يفترض أن جميع النساء يجب أن يتعاملن معه بالمثل، وهذه النوعية التي ما تزال بهذا الفكر تحتاج جرعات مكثفة من التوعية، والتأكيد على أن العالم من حوله تغير، ولم يعد لتلك الأفكار الجاهلية حول المرأة أثر، وإن كان ما زال يعتقد بتلك الأفكار وغير مستعد لتقبل المرأة شريكة له في العمل أو رئيسة له في إدارته، فعليه أن يختار مكانا معزولا يتوارى فيه دون أن يظل مصدر أذية وتعطيل للخطط والتنمية.

وما تأمله الكوادر النسائية في بيئات العمل أن ترى أو تلمس قوانين صارمة تطبق في حق هذه النوعية من الذكور الذين يتعرضون للمرأة العاملة بالسخرية والاستهزاء ورفض تقبل ما يصدر عنها من توجيهات، لأن هذه النوعية متواجدة بكثرة وتمارس تصرفاتها المستفزة دون أن يكون هناك رادع أو حتى خوف من عقوبة قد تطالها، وكما صدرت قوانين صارمة ضد التحرش في بيئات العمل فإن الضرورة تحتم أن تساند تلك القوانين بأخرى تحفظ كرامة المرأة وحقها، أمام تنمر بعض الذكور الذين يرون في أنفسهم الكمال الذي لا يقبل التوجيه من مصدر يرون فيه النقص، حتى والبعض يتشدق باحترام ودعم المرأة غير أن توجهاته الخفية تكشف غير ذلك، خاصة ما يصرح به في القروبات التي شكل بعضها خصيصا للحد من نفوذ النساء في مجالات العمل الهامة، وإبقاء السيطرة المطلقة له، ولأنه في أمان من عملية كشف حقيقة أهدافه الخفية لذلك هو ماض في مخططه دون أدنى محاولة للتراجع أو تغيير في فكرته المتأصلة حول المرأة ووجودها معه في دوائر العمل وصنع القرار.