كانت ولا زالت المملكة العربية السعودية تتعرض لحملة شرسة من الدعاوى والاتهامات التي تهدف التي تشويه صورتها داخليا وخارجيا. فقبل سنوات كانت تلك الاتهامات تتركز على انغلاق المملكة وعدم انفتاحها وتقييد الحريات. والآن ومع التحول الوطني والانفتاح الكبير الذي يشهده البلد وإعطاء مساحة شاسعة من الحرية المجتمعية والدينية تحولت تلك الاتهامات لتهاجم المملكة في تفريطها في مبادئها القديمة، وأنه يجب عليها أن تظل كما هي ولا تتغير! وظلت شماعة حقوق الإنسان والحريات هي تلك الأسطوانة التي ما زلنا نسمعها بين فينة وأخرى، متناسين أن هناك أكثر من عشرين مليون مواطن وعشرة ملايين مقيم ينعمون بالأمن والأمان وكامل الحرية، بل إن أولئك المقيمين لا يحصلون على ذلك القدر من مساحة الحرية في بلدانهم الأصلية. وظلت تلك الجهات المشبوهة تدعم الخارجين على الوطن الداعين إلى الفتن، وتحاول إجهاض محاكمتهم وإيقاف عبثهم. وبالنظر إلى تلك الأصوات التي تهاجم المملكة وتحاول النيل من المجتمع والوطن نجدها تنحصر في فئتين، الأولى جماعة الإخوان التي فقدت الكثير من نفوذها وكان للمملكة العربية السعودية دور كبير في تحجيم هذا الفكر ومحاربته داخليا وخارجيا. والثانية هي فئة لا قيم لها تريد أن يكون الوطن والدولة والمجتمع على هواها ورغبتها، ولا بأس أن يكون الفرد منهم خائنا لوطنه وقيمه. وتناست كلتا الفئتين أمورا هامة منها عدم قدرتها على معرفة الفارق بين الماضي والحاضر، وأن فجوة كبيرة تم ردمها بين المجتمعات، مما يجعل من الصعب أن يتم إجراء إصلاحات على نطاق محلي دون النظر إلى الأبعاد الخارجية والإقليمية. وكذلك علينا أن نعي أن الدولة العصرية تختلف بشكل كبير عن الدولة في العصور القديمة، والتي كان فيها رجال الدين والطائفية والقبلية هم الأساس في تكوين المفهوم الكبير للدولة، أما الآن فقد أصبح الدين والوطنية ومستقبل الأمة هو ما يتشكل حوله حب الناس واستقطاب ولائهم.

 خطوة الإصلاح الحالية في المملكة العربية السعودية والتي تتبناها الدولة قد نجحت نجاحا باهرا، لأنها واكبت روح العصر وأسلوبه، ولم تكن دعاوى إصلاح عفوية، ولكنها كانت تفكيرا وتخطيطا وتنظيما من خلال رؤية نافذة وشاملة، تعرف مواقع خطاها وتحسب كل مسار لها. إن الإصلاح الحالي للمملكة العربية السعودية قد تجاوز المحلية في الفهم والإقليمية في المنهج، وأصبح إصلاحا بنظرة عالمية تحقق التكامل والشمولية. ونستطيع الآن أن نقول إنه من واقع الإصلاح الذي تنهجه المملكة فإنه يمكن مقارنة العقلية المحلية بالعقلية الغربية، فالعقلية المحلية الآن أصبحت أكثر تقبلا للانفتاح وأكثر تأثيرا وفاعلية، وأصبحت العقلية السعودية ومن الجنسين تشغل مناصب القيادة، وقادرة على خلق الأفكار وتنفيذها على شكل إبداع وابتكار. لقد ركزت الخطوة الإصلاحية في المملكة على الإنسان واهتمت به قدر اهتمامها بالنظام والمنهج والقانون، وتم إعداد الظروف المناسبة لهذا الإنسان ليكون هو المُخرَج الأساسي من حركة الإصلاح، وهذا هو أعظم وأفضل أنواع الإصلاح.