أجمعت تقاريرعلى أن انتشار القوات العسكرية في سورية، سواء التابعة للنظام السوري أو المعارضة، أو القوات الأجنبية من إيران وتركيا وروسيا وأميركا وفرنسا، إضافة إلى الوضع الغامض في إدلب بعد اتفاق سوتشي، يشيران إلى تعقد الحل السياسي في سورية، سيما في وجود نظام بشار الأسد وتعنته في تنفيذ مطالب الثورة التي اشتعلت في العام 2011.  وأشارت التقارير إلى استعادة النظام السوري سيطرته على نصف مساحة سورية، بعد أن كان يحكم قبضته على 5 % فقط منها خلال أعوام الأزمة الستة الماضية، وذلك بفضل الدعم الروسي الجوي والحرس الثوري الإيراني على الأرض بمواكبة ميليشيات حزب الله، فبات نظام الأسد يسيطر من جديد على إدلب وحماة واللاذقية وحمص ودمشق وجزء كبير من الساحل السوري والحدود مع لبنان والأردن وصحراء الوسط السوري. واستطاع تنظيم داعش الإبقاء على منطقة صغيرة للغاية تحت سيطرته على الضفة الشمالية لنهر الفرات عند الحدود «السورية- العراقية»، بينما تتمركز الجبهة الوطنية للتحرير «تحالف للمتمردين السوريين» في جنوب غرب سورية، وتحظى برعاية تركيا في مدينة إدلب، في حين تسيطر تركيا على المناطق الحدودية الشمالية الغربية من عفرين وصولا إلى إدلب، حيث تنتشر جماعات معارضة مدعومة من الأتراك.


تداخل مناطق النفوذ


حسب التقارير، فإن القوات المتحاربة تتداخل في عدد من المناطق كتلك التي يوجد فيها النظام السوري ويقابله قوات التحالف الفرنسية والأميركية في الوسط والشرق السوري، حيث وصل عدد القوات الأميركية هناك إلى ألفي مقاتل حسب التصريحات الرسمية لوزارة الدفاع «البنتاجون»، الذين ينتشرون في شمال سورية وشرقها، التي يسيطر عليها حلفاؤها الأكراد الممثلون في قوات سورية الديمقراطية «قسد»، بعد أن أحكموا قبضتهم على معظم المناطق التي سبق ووقعت تحت حكم «داعش» أو ما يعرف بتنظيم داعش في الرقة ومنبج ودير الزور. كما تتمركز القوات الروسية في تدمر وطرطوس والسويداء وريف دمشق، فيما اختارت القوات الإيرانية وحزب الله التمركز في البوكمال والقنيطرة ودرعا، إلا أن هذا لا يمنع وجود القوات الروسية والإيرانية وميليشيات حزب الله في مناطق النفوذ السوري التي لم يكن ليحصل عليها من دون مساعدة حلفائه.


احتمالات الصدام بإدلب

 


نص الاتفاق «الروسي- التركي» الذي تم توقيعه في مدينة سوتشي الروسية، الأسبوع الماضي، على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب بحلول 15 أكتوبر المقبل بعمق يتراوح ما بين 15 و20 كيلومترا تفصل بين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وتلك التي يسيطر عليها النظام. وتخضع هذه المنطقة لمراقبة دوريات عسكرية «روسية- تركية»، على أن يتم إخلاؤها من الأسلحة الثقيلة لفصائل المعارضة، وإخلاؤها من عناصر المعارضة المسلحة أيضا، تمهيدا لفتح حركة السير على طريقي «حلب- اللاذقية» و«حلب- حماة» قبل نهاية العام الجاري. وبقدر تفاؤل كثيرين بالاتفاق «التركي- الروسي»، لكن ما تزال توجد مخاوف وشكوك عديدة تنتاب مراقبين ومعنيين بشأن إمكانية صمود ذلك الاتفاق الذي وصف بالغامض

وبحسب خبراء عسكريين، فإن الخطر الذي يتربص بالاتفاق الجديد يكمن من احتمالات وقوع صدام عسكري بين القوات التركية وهيئة تحرير الشام باعتباره احتمالا قائما.

يأتي ذلك في وقت تزايدت المؤشرات بأن الاتفاق «الروسي- التركي»، حول إدلب اشتمل على تفاهم بشن عمليات عسكرية ضد المواقع التي تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» وبعض الفصائل المتشددة الأخرى، في حال رفضت الامتثال لبنود الاتفاق الذي يقضي بانسحابها من المنطقة العازلة منزوعة السلاح في موعد أقصاه منتصف الشهر المقبل وتسليم أسلحتها الثقيلة قبل حلول العاشر من الشهر المقبل.

 


 منطقة استقرار مؤقتة

 


وفقا للخبراء العسكريين، فيبدو أن تركيا وروسيا اتفقتا على تحويل منطقة خفض التصعيد الرابعة إلى منطقة «استقرار مؤقتة» تحتوي على منطقة شريط أمني يعمل على حماية وتأمين كل من قاعدة حميميم وطريق «دمشق- حلب» الدولي، كما ستقوم تركيا بتعزيز نقاط المراقبة لديها وتسيير دوريات مشتركة مع روسيا في المنطقة العازلة، أما بالنسبة لمصير هيئة تحرير الشام، فالواضح أن روسيا أوكلت مهمة إنهاء ملفها لتركيا وذلك حتى نهاية العام 2018 وهو التحدي الأهم أمام أنقرة. وقال الخبراء إنه بجانب هذه التطورات فإن اتفاق سوتشي ترك العديد من الثغرات والأسئلة، خاصة حول مصير الجماعات المسلحة، سواء المعتدلة منها أو المتطرفة، وما إذا كان هذا الاتفاق مؤقتا أم دائما، حيث وصف وزير الخارجية الروسي هذا الاتفاق بأنه «مرحلى» وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات حدوث مواجهة عسكرية قادمة، وأن هذا الاتفاق ما هو إلا هدنة مؤقتة حتى يعيد كل طرف تنظيم صفوفه وتجاوز بعض العراقيل التى ظهرت مثل حملة الانتقادات الغربية التي أخذت تحذر من مغبة عمل عسكري قادم إلى وقت آخر تكون فيه الظروف الدولية أكثر مناسبة لعمل عسكري ضد الجماعات المتطرفة.