لكل حكومة أسرارها وخفاياها، ومن أكثر الأسرار التي تحرص الحكومات على تجنب الإفصاح عنها هي تلك السجون التي تتسم بصفات خاصة مما يحتم تغليفها بالسرية التامة.

وتُدير عدد من الحكومات ووكالات الاستخبارات سجونا سرية غير معلن عنها، وتوفر لها حماية جيدة بعيدا عن أعين وكالات حقوق الإنسان والمحاكم.

وغالبا ما يكون «التعذيب» هو القاعدة الأساسية في هذه السجون السرية، حيث يتم احتجاز المعتقلين فيها في ظروف معيشية بالغة السوء وغير إنسانية.

والواقع أن الحكومات المختلفة التي تدير تلك السجون لا ترغب في معرفة الآخرين شيئا عنها، حتى أن بعضها تم إغلاقه قبل أو بعد الكشف عنها، في حين أن البعض الآخر لا يزال موجودا، علما أن الحكومات المعنية تنكر وجودها. ولقد نشر موقع  (ListVerse) الإلكتروني الأميركي تحقيقا عن 10 سجون سرية تخفيها الحكومات عن الأعين.

 


01


 سجون الصين السوداء


سجون سرية مستقلة تديرها بشكل غير قانوني مقاطعات صينية وحكومات محلية.

واستخدمت الحكومات المحلية والإقليمية أكثر من 10 آلاف شخص لمطاردة واختطاف واحتجاز وتعذيب المواطنين الذين يسافرون إلى بكين لتقديم تقارير عما يدور في تلك السجون. وعادة ما تكون السجون بيوتا غير مأهولة، فضلا عن أجنحة الطب النفسي، ودور الضيافة.  في عام 2009، كان يشتبه في أن المحافظات تدير 73 سجنا أسود داخل بكين، لكن الحكومة المركزية أنكرت في البداية وجود السجون السوداء، لكنها اعترفت لاحقا بحقيقة وجودها.


02


سجون أوكرانيا غير المسماة

 


بين عامي 2014 و2016، شغلت دائرة الأمن في أوكرانيا (SBU) سجنا سريا في خاركيف، لاحتجاز الأشخاص الذين يشتبه في دعمهم أو تعاطفهم مع روسيا خلال التدخل العسكري في أوكرانيا.

وفي ذلك الوقت، أنكرت إدارة أمن الدولة وجود أي سجن سري ورفضت الاتهام ووصفته بأنه دعاية روسية، وبدأت إدارة أمن الدولة والجيش الأوكرانيين تحقيقات مستقلة عن وجود تلك السجون، لكن تحقيقاتهم أوقفت دون التوصل إلى نتيجة.

ومن بين المحتجزين في السجن السري لنحو 600 يوم، ميكولا فاكاروك، الذي تعرض للتعذيب المتكرر. وعند إدخاله السجن، أخبره أحد المحققين أنه سيتلقى ضربة مبرحة في صدره مقابل كل إجابة خاطئة يقدمها.

تلقى فاكاروك ضربات متكررة وتم زجه في زنزانة مساحتها 2 متر مربع (22 قدما مربعا) كانت باردة للغاية، لدرجة أن الماء الموجود فيها تحول إلى ثلج. وبلغ الأمر ذروته حيث أصيب بتليف كليته، وبعد نقله إلى المستشفى خضع لجراحة لإزالة الكلية التالفة قبل إعادته إلى السجن. وقال فاكاروك إنه أُرغم على الاعتراف بأنه دعم المقاتلين المدعومين من روسيا.

وأفرج عن فاكاروك عندما بدأت أوكرانيا إطلاق سراح جماعي للسجناء بسبب ضغط من جماعات حقوق الإنسان. وكان هو وغيره من المعتقلين مهددين بعدم الكشف عما واجهوه لأي شخص.

 


 


03


سجن غير مسمى لمثليي الشيشان


الشيشان منطقة مستقلة ذات أغلبية مسلمة في روسيا، شاركت في سلسلة من الحروب مع روسيا في محاولة لتصبح دولة مستقلة. وبإنهاء الحروب المتكررة، منحت روسيا الحُكم الذاتي للشيشان.

ووجهت اتهامات للشيشان بإدارة سجون سرية يتعرض فيها المثليون للتعذيب حتى الموت. روسيا والشيشان لا تتسامح مع المثليين. حيث تفضل الشيشان اختطافهم وإبقاءهم في مراكز اعتقال سرية ويتم تعذيبهم مرارا وتكرارا حتى الموت.

وقُتل بعض الصحفيين الذين أفادوا بوجود سجون سرية في الشيشان. وشهدت صحيفة «نوفايا غازيتا»، وهي أول صحيفة للإبلاغ عن عمليات الاختطاف والاحتجاز والقتل، شهدت مقتل 6 من صحفييها على الأقل. ولا يزال بعض الصحفيين يتعرضون للتهديد، كما فر آخرون من البلاد.

 


04


سجن كامب لومينير بجيبوتي

 


جيبوتي الدولة الإفريقية التي، أنشأت أميركا قاعدة عسكرية على أراضيها لموقعها الإستراتيجي . ومن تلك القاعدة، المسماة «كامب ليمونير»، تطلق الولايات المتحدة ضربات طائرات دون طيار ضد أهداف في الصومال واليمن.

وهناك أيضا ادعاءات غير مؤكدة أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي آي أيه» تدير سجنا سريا في تلك القاعدة. ويُزعم أن الكونجرس الأميركي لديه معلومات عن وجود هذا المرفق السري، لكنه رفض رفع السرية عنه. كما يقال إن الكونجرس يدرك أن بعض السجناء المحتجزين هناك أبرياء.


05


سجن «آي كات» التايلاندي

 


كان موقع «Cat’s Eye» عبارة عن سجن سري تابع لوكالة المخابرات المركزية (CIA) في تايلاند. ولم يكن هناك أحد عادي يعرف موقعه بالتحديد. يقول البعض إنه خارج بانكوك، بينما يقول آخرون إنه في محافظة «ودون تاني». ومع ذلك، يتفق الجميع على أنه في تايلاند، على الرغم من أن وكالة المخابرات المركزية والحكومة التايلاندية تنكران وجوده.

أُنشئ السجن على عجل عام 2002 لاحتجاز أبو زبيدة، وهو أحد أتباع أسامة بن لادن، وقد تم القبض عليه في باكستان في مارس 2002، وكانت وكالة المخابرات المركزية في حيرة بشأن مكان للاحتفاظ به. وأرادوا مكانا بعيدا عن السُلطة القضائية الأميركية والصليب الأحمر.

تعرض أبوزبيدة للتعذيب الشديد في السجن. وكان هو السجين الوحيد المحتجز هناك لعدة أشهر، عاش خلالها داخل صندوق لم يكن أكبر من تابوت وكان يُغطَّس في الماء باستمرار حتى يُغمى عليه.  أما السجين الثاني، فكان عبدالرحيم الناشري، الذي وصل إلى هناك في نوفمبر 2002. وكثيرا ما حُرم السجينان من النوم. كما ضُربا وهما يواجهان الجدار بعقوبة تسمى «الجدار». وأغلق سجن «آي كات» في ديسمبر 2002، بعد أن نقلت وكالة المخابرات المركزية السجناء إلى موقع أسود آخر في بولندا.

 


 


06


منتجع «بيني لين» في كوريا الشمالية


المنتجع ليس لاحتجاز الإرهابيين بل لاحتجاز أقارب أشخاص مسؤولين في الحكومة مضمنين في القائمة السوداء. وهو يقع قريبا من مدينة تدعى هيانجاري، على بعد 50 كيلومترا فقط من الحدود الصينية.

يعتقد أن المنتجع يضم حوالي 1000 شخص، وفيه كثير من السجناء الذين غالبا ما ينتقلون بعائلاتهم. وفي حين يخضع المنتجع لحراسة مشددة، فإنه لا يبدو كأنه سجن بل أشبه ببلدة صغيرة. علما أن السجناء لا يحاولون الهروب، لأن الظروف المعيشية ليست سيئة. وأنهم لا يؤدون أي عمل شاق أو تحمل أي عقاب، كما أنهم يحصلون على وجبات مجانية يوميا.

ومن بين الشخصيات المشتبه في احتجازهم في المنتجع كيم سونج إي التي كانت الزوجة الثانية للرئيس الراحل، كيم إيل سونج. وسجينة أخرى مشتبه بها هي عمة الرئيس الحالي، كيم يونج أون، التي تم نقلها إلى المنتجع بعد إعدام زوجها يانج سونج تيك في ديسمبر 2013.

 


07


 سجن «بيني لين» بخليج جوانتانامو

 


كان Penny Lane سجنا سريا آخر في خليج جوانتانامو. افتتح عام 2003 لسجناء يتمتعون بحياة فاخرة. كانوا يعيشون في بيوت، كاملة مع سرير مريح جدا، ومطبخ، وفناء، وحمام بدش، وتلفزيون. ويمكنهم أيضا طلب كماليات إضافية.

حقيقة أن السجناء المحتجزين في «بيني لين» يتمتعون بحياة فاخرة ولم يكن ذلك مفاجئا، لأن المكان كان مخصصا حصريا للإرهابيين المثبتين الذين يخضعون للتدريب كعملاء مزدوجين. وبعد تدريبهم، أُطلق سراحهم وأعيدوا إلى زنزاناتهم الإرهابية، بعد أن أرسلوا معلومات داخلية إلى وكالة المخابرات المركزية.

وتم استخدام هذه المعلومات لإعداد ضربات الطائرات دون طيار ضد أهداف ذات أهمية. في المقابل، أعطت وكالة المخابرات المركزية الأميركية الإرهابيين ملايين الدولارات كدفعة مالية. ولم يحقق البرنامج نجاحا كاملا، حيث عاد بعض الإرهابيين إلى زنزاناتهم ولم يبلغوا وكالة المخابرات المركزية بأي معلومات.

كما أصبح البعض عملاء مزدوجين غير راغبين بعد أن هددت الـ»سي آي أيه» بإيذاء أطفالهم. ولقد علم تنظيم «القاعدة» أن وكالة المخابرات المركزية ستقوم بتحويل بعض مواطنيها إلى أسرى مزدوجين، ولديها تحفظات على أعضاء أطلق سراحهم من خليج جوانتانامو. وانتهى برنامج العميل المزدوج في عام 2006.


08


 كامب7 بخليج جوانتانامو

 


في حين أن السجن الرئيس في خليج جوانتانامو هو بالفعل سيئ السمعة ومثير للجدل في حد ذاته، كانت هنالك سجون سرية خاصة بجوانتانامو، وهي أكثر إثارة للجدل. أحد هذه الأماكن هو كامب7، الذي بني في مكان خفي، بعيدا عن السجن الرئيس. وكان كامب7 مخفيا بعناية بحيث لم يكن أحد يعلم بوجوده لمدة عامين بعد افتتاحه عام 2006. والقليل ممن يعلمون به لم يتحدثوا عنه أبدا.

وعندما تم الكشف عن وجوده، لم يُسمح للصحفيين بالزيارة، لكن تم السماح للصليب الأحمر بالدخول، شريطة ألا يتحدث علانية إطلاقا عما شاهده. كان كامب7 موطنا لـ15 سجينا اعتبرتهم الـ»سي آي أيه» «معتقلين ذوي قيمة عالية». أحدهم خالد شيخ محمد، الذي يُعد العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.

وقد اُتهمت وكالة المخابرات المركزية بتعذيب السجناء في كامب7. فخلال جلسة المحكمة، اشتكى أحد نزلاء السجن، رمزي بن الشيبة، من أن زنزانته كانت دائما تهتز وتحدث بعض الضوضاء الغريبة. ونفى الجيش الأميركي جميع الاتهامات بالتعذيب النفسي، وزعم أن شيبة كان يسمع أصوات أشياء عادية.

 في عام 2014، اعترف البنتاجون بأن شيبة كان يسمع أصواتا حقيقية، لكنه قال إن ذلك كان نتيجة تساقط بعض من هيكل بناء السجن. وزعمت أن كامب7 تم تشييده في الأصل كهيكل مؤقت وطُلب من الكونجرس 69 مليون دولار لتأسيس مبنى السجن و49 مليون دولار لتجهيزات الصرف الصحي. رفض الكونجرس تخصيص الأموال المطلوبة.


09


سجن «سوولت بيت» في أفغانستان


« Salt Pit» سجن سري تديره وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في أفغانستان. وهو واحد من عدة سجون أقامتها الوكالة بعد هجمات 11 سبتمبر، وكان القصد منها احتجاز أشخاص يشتبه في أن لهم صلات بالإرهابيين. وكثيرا ما يتعرض السجناء لعقوبات وظروف غير إنسانية، بما في ذلك عمليات إعدام وهمية.

كان سجن «سولت بيت» مصنعا للطوب قبل أن يتحول إلى سجن أسود. وزنزاناته صغيرة الحجم دون نوافذ ولا تحتوي على مراحيض. وكان على السجناء أن يقضوا حاجتهم في دلو. كما كان يتم تجريد السجناء من ملابسهم وجعلهم ينامون على أرضيات خرسانية باردة. وكثيرا ما يقوم نشطاء الـ»سي آي أيه» بعزف الموسيقى الصاخبة كشكل من أشكال التعذيب النفسي.

كشف الدكتور غيرات باهير، الذي احتجز في السجن لمدة ستة أشهر أن محققي الـCIA ربطوه على كرسي وجلسوا على بطنه. وآخر يدعى غول عبدالرحمن، الذي توفي في وقت لاحق في السجن بعد أن عانى من عقوبات أكثر عنفا. وقد جُرد من ملابسه ويداه مقيدتان فوق رأسه بينما تعرض مرارا للضرب وإغراقه بالماء.  مات عبد الرحمن من انخفاض حرارة الجسم يوم 20 نوفمبر 2002. وكان نصف عار. ولم تعيد الـ»سي آي أيه» جثته إلى عائلته أو تبلغها بموته.