إن من ضمن الأخطاء الفادحة التي تحدث عنها الرئيس ترمب والتي تدل حتى على جهله ببرنامج المبيعات العسكرية الأميركية للدول الأجنبية، وهو برنامج معروف ويدرس في معهد DISAM))، وهو اختصار لـ(DEFENSE INSTITUTE OF SECURITY ASSISTANCE MANAGEMENT)، وترجمته بالعربية معهد الدفاع لإدارة المساعدات العسكرية، وكضابط عقود في القوات الجوية الملكية السعودية فقد التحقت بالمعهد الذي يقع في قاعدة رايت باترسون بولاية أوهايو في دورة المبيعات العسكرية الأميركية (FMS)، وهي كلمة مختصرة لـ( FOREIGN MILITARY SALES) والتي من خلالها تعلمنا أن هناك برنامجين لمبيعات السلاح الأميركي للدول الأجنبية، فالأول هو برنامج المبيعات العسكرية (FMS) والبرنامج الثاني يسمى (MAP) اختصارا لـ MILITARY ASSITANCE PROGRAM)) وهو برنامج المساعدات العسكرية المجانية، وهناك فرق شاسع بين البرنامجين، فالأول برنامج يبيع المعدات العسكرية للدول الأجنبية نقدا وبالدولار وبالسعر التي تفرضه أميركا، والمملكة العربية السعودية هي ضمن ذلك البرنامج، برنامج المبيعات العسكرية، بل إنها -حسب جدول المبيعات- الدولة الأولى في قائمة المبيعات العسكرية الأميركية، ولم تكن مطلقا ضمن قائمة الدول التي تتلقى المساعدات في البرنامج الثاني الذي تستخدمه أميركا لمساعدة بعض الدول لأغراض سياسية، للسيطرة عليها اقتصاديا وسياسيا مثل كوريا الجنوبية واليابان وبعض الدول الإفريقية والآسيوية، خصوصا التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي «سابقا».

لقد خلط الرئيس الأميركي بين ملفات الدول التي تتلقى مساعدات عسكرية مجانية مباشرة وبين الدول التي تدفع ما تشتريه نقدا وبالدولار أو المقايضة بالنفط، والمملكة -بحمد الله ورعايته- ليست في حاجة بأن يمنّ عليها أحد، فيدها العليا دائما هي التي تعطي لكل ذوي حاجة من الدول الصديقة والشقيقة.

المملكة بقوة جيشها وشعبها والتفافه حول قيادته تسطر منذ عشرات السنين أروع التضحيات في حماية حدودها ومكتسباتها ضد كل من تسول له نفسه المساس بشبر من أراضيها. وعندما يتبجح الرئيس ترمب بأن جيشه العظيم سيحمي المملكة، فقد رأينا هذا الجيش في دول فقيرة مثل فيتنام والعراق التي سلمها لإيران على طبق من ذهب، كذلك خروجه من سورية وتسليمها للروس، وأفغانستان وهروبه منها وتسليمها لطالبان، وانكساره وخضوعه للمارد الكوري الشمالي.

هذا الرئيس كما يقول المثل (يزن على خراب عشه) ونسي أن اللعبة الدولية قد تغيرت وهناك العشرات من الدول التي تتمنى بيع السلاح للمملكة. وأود أن أذكره عندما زار المملكة في أول زيارة له خارج أميركا بالعقد الذي وقعه مع المملكة، عندما جاء يستجدي المساعدة في إنعاش اقتصاده المنهار، حيث وقعت المملكة معه عقدا بـ460 مليار دولار، وهو أكبر عقد لمبيعات عسكرية، وقع في تاريخ أميركا مع دولة أجنبية. المملكة -ولله الحمد والمنّة- هي التي تمنّ على أميركا، ولولا هذا العقد لانهارت شركات كثيرة وسرحت عمالها.