إن الإعلام انفجر في وقت لم يكن أغلب العرب مستعدين لهذا الانفجار! إما بسبب صغر سن الغالبية منهم، أو أن لديهم خللا بالمدخلات الرجعية!

لذا فإننا نلاحظ أن الإعلام غلف كثيرين، وأصبح منهم من يذكر لك الأخبار الإعلامية ومصادرها، وكأنه يذكر لك نصوصا مقدسة، وكذلك يذكر لك الإعلاميين المشاهير، وكأنهم عدول معصومون من الزلل والخطأ والخبث والدجل، يلبسون ثياب الصدق والطهارة!

وإذا بادرت بتوضيح حقيقة الإعلام عند أحد من الذين غلفهم الإعلام! بأن توضح له أن الإعلام ما هو إلا كذبة كبرى حتى لو صدق! بسبب أنه يجلب لك الخبر الذي يريدك أن تعرفه! وليس حقيقة الخبر المجردة والشاملة والمطلقة!

ويجب عليك أيها المتلقي.. أن تضع في عين الاعتبار أن الخبر الإعلامي يجب أن يوزن أولا في ميزان العقل، قبل الإيمان به وتصديقه! لأنك إذا صدّقت أنه حقيقة سيصبح تصديقك مع الزمن من المسلّمات التي لن تسمح لأحد بنقدها أو الطعن في صحتها.. وحقيقة الأمر هي أنك لم تدرك أن أصل الخبر الحقيقي هو كلمات ليست أكثر من كلمات..!

مشكلتنا في المغلفين ممن يصدق هذا الإعلام الحاقد على السعودية بأرضها وقيادتها وشعبها، والذين يحملون أجندات سياسية واقتصادية وطائفية ضد مملكتنا، ويحاولون تنفيذها من خلال زرع الفتن داخل المجتمع السعودي المتماسك، عبر بث الأخبار الملفقة والافتراءات وتضخيم بعض الأخبار لجعلها قضايا رأي عام تُهم المجتمع الدولي.

وانقسم هؤلاء المغلفون إلى شقين.. منهم الشق المحبط بسبب تصديقه كثيرا من الافتراءات والأخبار الملفقة ضد مملكتنا الغالية.

والشق الآخر منهم يحاول مساعدة الإعلام الحاقد على المملكة بتأجيجه النار! ولا يعلم أبدا أنه إذا اشتعل الحريق فلن يحرق إلا بيته.. ولن يقطع إلا كفه.. ولن يجدع إلا أنفه..

ألا ليت قومي يفقهون! للأسف إن بعض قومي غافلون.. يقولون ما لا يفقهون.. ويعلمون ما لا يقولون..

المشكلة ليست أبدا في جريمة قتل! ولا في عدو يتربص بنا الدوائر! المشكلة أعظم من ذلك وأكبر! المشكلة فيمن صار يصدق الصوت العالي ضد وطنه!!

يذكرني بقصة صاحب المزمار الذي أعطاه رئيس بلدية «هاملن» تلك المدينة الصغيرة، عشرة آلاف قطعة نقدية من الذهب، مقابل أن يقضي على الفئران! وأخرج الناي وبدأ يعزف نغمة غريبة جعلت جميع فئران هاملن تمشي خلفه وهم مستمتعون بعزف صاحب المزمار، وهو يقودهم إلى البحر ليوقعهم فيه، ولم يدركوا أنهم يسيرون إلى هلاكهم!!