الإستراتيجية الأميركية مخطط لها بعناية فائقة تُنفَّذ كما هي من الإدارات الرئاسية، بغض النظر عن الفلسفة الأيديولوجية للحزبين الأميركيين المتناوبين على حكم أميركا.

فهي تخضع إلى رعاية ورقابة المشرعين في الكونجرس المتكون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بموجب الانتخابات العامة.

فالذي يخطط للإستراتيجيات هم دهاقنة السياسة الأميركية من خلف الكواليس، ولا تخضع إلى أهواء الرئيس أو برنامجه الانتخابي، وما عليه إلا التنفيذ الحرفي دون زيادة أو نقصان.

لقد وُضِعت إستراتيجية محور الشر «العراق وإيران وكوريا الشمالية» قبل تولي جورج بوش الابن بسنوات عدة، وهو أول رئيس ينفذها على الأرض. بدأها في العراق بسناريوهات متعددة، تارة بأسلحة الدمار الشامل، وتارة أخرى تعاونه مع تنظيم القاعدة والمنظمات الإرهابية، حتى تمكن من إسقاط النظام العراقي السابق، واليوم جاء دور نظام الملالي في طهران الذي امتلك فعلا مقومات الصناعة للأسلحة النووية، المتمثلة في أجهزة تخصيب اليورانيوم ضمن مشروع سرّي، لم تكتشفه منظمة الطاقة الذرية إلا بعد 18 عاما عن طريق مجاهدي خلق الإيرانية.

وانكب النظام على صناعة الصواريخ الباليستية المخصصة لحمل الرؤوس النووية، كما أنه الداعم الرئيس للمنظمات الإرهابية على الساحة الدولية، والتي نفذت عشرات العمليات الإرهابية ضد المصالح الأوروبية والأميركية، وأنفق مليارات الدولارات لهذا الغرض من قوت شعبه الذي يعاني الحرمان والعوز، وأسس الميليشيات الإرهابية كي تحل بالإنابة عنه في مواجهة المجتمع الدولي، وقد أنفق عليها أكثر من 18 مليارا من الدولارات، في الوقت الذي يعاني الاقتصاد الإيراني الانهيار الوشيك، إضافة إلى أن نظام الدكتاتورية الدينية قمع الحقوق والحريات الأساسية للشعب، وارتكب أبشع صور انتهاكات حقوق الإنسان الإيراني، من مجازر دموية وإعدامات بالجملة واعتقالات وأحكام عقابية بالسجن دون محاكمات عادلة، واضطهاد للأقليات التي يتكون منها المجتمع الإيراني من» البلوش والكرد والعرب والبختياريين واللور والأذريين، وغيرهم.

النظام راح ينفذ إستراتيجيته المتهورة في احتلال منطقة الشرق الأوسط، على أمل الدفاع عنه خارج أراضيه، بعد أن أدرك ماهية محور الشر الثاني في التسلسل الأميركي بعد العراق الذي لا رجعة عنه.

أميركا ماضية في تغيير النظام مهما حاول من ألاعيبه المعروفة وانبطاحاته المشهودة عند ضعفه، فالحزمة الثانية من العقوبات بدأت في الخامس من الشهر الجاري، وهي تعد الأقسى والأقوى عبر التاريخ، تخللتها بعض الاستثناءات لـ8 دول، كي لا يتأثر الشعب الإيراني الذي يعاني أصلا الفقر.

فالعقوبات الجديدة ستعجل من انهيار النظام وسقوطه بوتيرة أسرع، والتصريحات النارية لأزلام النظام ضد أميركا ما هي إلا دليل قطعي على بداية النهاية.