فيما شدد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، في كلمته أمام قمة دول مجلس التعاون الخليجي بالرياض، أمس الأول، على أن مجلس التعاون قام من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والنماء والازدهار والرفاه لمواطني دول المجلس، متطرقا في كلمته إلى التحديات التي تهدد الأمن الخليجي والعربي المشترك، داعيا دول المجلس إلى الحفاظ على المكتسبات، والعمل مع شراكة تحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، جاء البيان الختامي للقمة، ليعبر عن رؤية خادم الحرمين الشريفين، وجهود المملكة لجمع الشمل الخليجي والعربي، وزيادة توثيق العلاقات السياسية والاقتصادية، كذلك دعم القضايا العربية في مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، فضلا عن تعزيز العلاقات بين مجلس التعاون ودول العالم.



 



1- لم الشمل



حرص البيان الختامي للقمة على التركيز على جمع الشمل الخليجي، من خلال الفقرات العديدة التي تضمنها، والكلمات الآثرة التي تحمل رسائل مفادها أن قوة دول الخليج في وحدتها، وبرز ذلك في تأكيد المجلس حرصه على قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون، مشددا على أهمية سرعة تنفيذ كافة قرارات المجلس والاتفاقيات التي تم إبرامها وإيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية مستقرة تعزز من رفاه مواطني دول المجلس، إضافة إلى إشادة المجلس بالإعلان عن إنشاء مجلس التنسيق «السعودي- الإماراتي» واعتماد استراتيجية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً «استراتيجية العزم»، كذلك إنشاء مجلس التنسيق «السعودي- الكويتي» الذي يندرج تحت مظلته جميع مجالات التعاون.



 



2- رفض المساس بالسعودية



 تصدى البيان الختامي للقمة لمحاولات النيل من المملكة من قبل بعض الجهات المعادية والتي تزامنت مع قضية مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي، رحمه الله، حيث أكد المجلس الأعلى دعمه وتأييده للسعودية فيما اتخذته من إجراءات تجاه التعامل مع ملف قضية خاشقجي، وما قامت به من جهود بهذا الشأن، وحرصها على تلقي كافة المعلومات للوصول إلى حقيقة ما حدث، مشيداً بما تضمنته البيانات الصادرة عن الجهات المختصة في المملكة بالكشف عما أسفرت عنه التحقيقات التي تمت في هذه القضية، والتي تعبر عن التزام السعودية، بسيادة القانون وإرساء قواعد العدل واتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمحاسبة المتورطين في هذه الجريمة لتأخذ العدالة مجراها، مؤكداً رفضه القاطع لاستغلال هذه القضية للمساس بسيادة قرار السعودية وأمنها واستقرارها، الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من أمن واستقرار مجلس التعاون لدول الخليج العربية.



 



3 - دعم العمل الخليجي المشترك



أكد المجلس، في بيانه الختامي، على أهمية الحفاظ على مكتسبات المجلس وإنجازات مسيرته التكاملية، ووجه الأجهزة المختصة في الدول الأعضاء بمضاعفة الجهود لتحقيق الأهداف السامية التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون، مبديا ارتياحه لما تم إحرازه من تقدم في تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين، لتعزيز العمل الخليجي المشترك، مشددا على أهمية استمرار تعميق التعاون والتكامل في المجال الاقتصادي والتنموي بين دول المجلس، كذلك تم بحث آخر التطورات في عدد من المشاريع التكاملية، بما في ذلك مشروع سكة حديد لدول مجلس التعاون، وإنشاء شركة المدفوعات الخليجية.



 كما وجه بسرعة العمل على إنجاز الدراسات والمشاريع المتعلقة ببرنامج عمل هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية لتحقيق الوحدة الاقتصادية بحلول عام 2025.



 



4 - العناية بالمواطن الخليجي



شهد البيان الختامي اهتماما كبيرا بالمواطن الخليجي، إذ اعتمد المجلس الأعلى الخطة الاستراتيجية للعمل البلدي المشترك للجنة الوزراء المعنيين بشؤون البلديات بدول المجلس، ودليل الإجراءات الصحية الموحدة في المنافذ الحدودية لدول مجلس التعاون، ووافق المجلس على القانون (النظام) الموحد لتمكّين الأشخاص ذوي الإعاقة بدول المجلس بشكل استرشادي لمدة سنتين.



وفي مجال الاهتمام بالشباب، اطلع المجلس الأعلى على تقرير الأمانة العامة الخاص بتنفيذ توصيات ورش الشباب بدول المجلس، كما وافق المجلس الأعلى على القانون (النظام) الاسترشادي للوقاية من العنف والاستغلال والإيذاء الأسري.



 



5 - المساعدات للدول الشقيقة



حسب البيان الختامي فقد أكد المجلس حرصه على استمرار ما دأبت عليه دول المجلس من تقديم المساعدات للدول الشقيقة والصديقة، منوهاً بالبرامج الإنسانية والتنموية العديدة التي تمولها دول المجلس في كافة أنحاء العالم، وأشاد المجلس بمبادرة السعودية مؤخراً في إعفاء الدول الأقل نمواً من خلال تنازلها عن أكثر من 6 مليارات دولار من ديونها المستحقة.



كما أشاد المجلس بالبيان الصادر عن الاجتماع الذي عقد في مكة المكرمة بشأن الأزمة الاقتصادية في الأردن، وما تم من اتفاق على تقديم حزمة من المساعدات الاقتصادية من دول المجلس، تجاوزت (2.5) مليار دولار أميركي للإسهام في تجاوز الأردن الشقيق لأزمته الاقتصادية.



 



6 - القضايا الإقليمية



استعرض المجلس الأعلى تطورات القضايا الإقليمية، مؤكداً حرص دول المجلس على الحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة ودعم رخاء شعوبها، وعلى تعزيز علاقات المجلس مع الدول الشقيقة والصديقة، والعمل مع المنظمات الإقليمية والدولية للحفاظ على الأمن والسلام العالميين، وتعزيز دور المجلس في تحقيق السلام والتنمية المستدامة وخدمة التطلعات السامية للأمة العربية والإسلامية، من خلال ما يلي:



* أكد المجلس الأعلى على مواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة تجاه الإرهاب والتطرف، ونبذه لكافة أشكاله وصوره، ورفضه لدوافعه ومبرراته، أياً كان مصدره، والعمل على تجفيف مصادر تمويله.



* شدد المجلس الأعلى على ضرورة تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكدا على أهمية وكالة الأمم المتحدة للإغاثة وتشغيل اللاجئين «الأونروا» مشيداً بالمساعدات السخية التي تقدمها دول المجلس ودعم أنشطة الوكالة، وطالب المجتمع الدولي باستمرار زيادة تقديم الدعم للوكالة لتواصل مهمتها حتى عودة اللاجئين الفلسطينيين.



*تطرق المجلس إلى مواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة بشأن أزمة اليمن، وضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة، وفقاً للمرجعيات المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، وعبر عن دعمه لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، مارتن جريفيث، للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن وفقاً لتلك المرجعيات.



وأشاد المجلس الأعلى بالإنجازات التي حققها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، من خلال فروعه الميدانية في المحافظات اليمنية، منوها بتقرير الأمم المتحدة حول انتهاك إيران الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على إرسال الأسلحة لليمن، وتزويد الحوثيين بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية أطلقت على المملكة العربية السعودية، وتم إدخالها إلى اليمن بعد فرض الحظر على الأسلحة عام 2015.



* تناول البيان الأزمة السورية، مؤكدا على قراراته الثابتة بشأنها والحل السياسي القائم على مبادئ «جنيف 1»، وقرار مجلس الأمن رقم 2254، كما عبر المجلس عن دعمه للحكومة العراقية في جهودها لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في العراق. وفي الشأن الليبي شدد المجلس على حرصه على أمن واستقرار ووحدة الأراضي الليبية ومساندة الجهود المبذولة للتصدي لتنظيم ما يسمى تنظيم داعش الإرهابي.



* حول الوضع في لبنان، عبر المجلس الأعلى عن أمله في أن يتمكن رئيس الوزراء المكلف، سعد الحريري، من تشكيل حكومة وفاق وطني تعزز أمن واستقرار لبنان وتحقق التقدم الاقتصادي والرخاء لمواطنيه.



 



7- انتهاكات إيران



شدد المجلس الأعلى على مواقفه وقراراته الثابتة بشأن العلاقات مع إيران، مؤكداً ضرورة التزامها بالأسس والمبادئ الأساسية المبنية على ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق القانون الدولي، ومبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، ونبذ الطائفية. كذلك مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ خطوات أكثر فاعلية وجدية لمنع حصول إيران على قدرات نووية، ووضع قيود أكثر صرامة على برنامج إيران للصواريخ الباليستية في الفترة المقبلة.



كما أكد المجلس الأعلى مواقفه الثابتة وقراراته السابقة بشأن إدانة استمرار احتلال إيران للجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) التابعة للإمارات العربية المتحدة، وأعرب المجلس عن إدانته للتواجد الإيراني في الأراضي السورية وتدخلات إيران في الشأن السوري، وطالب بخروج كافة القوات الإيرانية وميليشيات حزب الله وكافة الميليشيات الطائفية التي جندتها إيران للعمل في سورية.



ورفض المجلس الأعلى تورط إيران وتنظيم حزب الله الإرهابي في زعزعة استقرار لبنان وإضعاف مؤسساته السياسية والأمنية، مؤكدا تأييده للاستراتيجية الأميركية تجاه إيران، بما في ذلك ما يتعلق ببرنامج إيران النووي، وبرنامج الصواريخ الباليستية، وأنشطتها المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة ودعمها للإرهاب.



 



8 - الحفاظ على حقوق العرب والمسلمين



جدد المجلس دعمه لقرار مجلس الأمن رقم 2107 (2013م)، الذي قرر بالإجماع إحالة ملف الأسرى والمفقودين والممتلكات الكويتية والأرشيف الوطني إلى بعثة الأمم المتحدة (UNAMI)، لمتابعة هذا الملف، كما أكد المجلس الأعلى على دعم جهود الأمم المتحدة للعمل على إعادة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مدنهم وقراهم ورفض أي محاولات لإحداث تغييرات ديمغرافية في سورية.



وأدان المجلس الأعلى مجدداً ما يتعرض له المسلمون الروهنجيا في شمال ميانمار من اعتداءات وحشية وتهجير ممنهج، داعيا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته لوقف أعمال العنف والتهجير وإعطاء أقلية الروهنجيا المسلمة في ميانمار حقوقها دون تمييز أو تصنيف عرقي.



 



9- الشراكات الاستراتيجية بين مجلس التعاون والدول والمجموعات الأخرى



أكد المجلس الأعلى على أهمية علاقات التعاون والشراكة مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظومات الإقليمية والمنظمات الدولية، بما في ذلك المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية، والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين، وفرنسا وروسيا، والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي ومنظومة دول الآسيان، وغيرها من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الإقليمية والدولية الفاعلة.



وأبدى المجلس ارتياحه لما تم إحرازه من تقدم في تنفيذ الشراكة الاستراتيجية مع المملكة المتحدة، التي تم الاتفاق عليها عام 2016م، ووجه بسرعة استكمال تنفيذ خطط العمل المشترك التي تم الاتفاق عليها في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والتواصل بين الشعوب.



 



 10 - العلاقات الخارجية



احتل ملف العلاقات الخارجية فقرات عديدة في البيان أشارت جميعها إلى تنوع علاقات مجلس التعاون ودول العالم وشمولها في مختلف المجالات، حيث عبر المجلس الأعلى عن ارتياحه لما تم إحرازه من تقدم في العلاقات الاستراتيجية والتعاون الاقتصادي مع عدد من دول القارة الآسيوية.



وأشاد المجلس بالجهود الناجحة التي بذلها خادم الحرمين الشريفين للتوصل إلى اتفاقية جدة للسلام، والتي تم التوقيع عليها في مدينة جدة في سبتمبر 2018 بين رئيس جمهورية إريتريا ورئيس وزراء جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية، كما أشاد بالدعم الذي قدمته دول المجلس لدول الساحل الإفريقي G5 لمكافحة الإرهاب، والذي يشمل المساعدات العسكرية واللوجستية والتنموية، كذلك التأكيد على حرص المجلس على تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر.