بينما حذرت قوات سورية الديمقراطية من أن قرار الولايات المتحدة بسحب قواتها من سورية، سيعطي تنظيم داعش «زخما للانتعاش مجددا»، وشن هجمات معاكسة، بعد طرده من مساحات واسعة في البلاد، أكد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أن قرار انسحاب القوات الأميركية من سورية ليس مفاجئا.

وغرد ترمب على تويتر قائلا: «الانسحاب من سورية لم يكن مفاجئا، أنا أدعو إليه منذ سنوات، وقبل 6 أشهر، عندما أعلنت أنني أرغب في اتخاذ القرار، وافقت على البقاء (القوات الأميركية في سورية) لفترة أطول. روسيا وإيران وسورية وآخرون هم العدو المحلي لتنظيم داعش. كنا نقوم هناك بعمل، والآن، حان الوقت للعودة إلى الوطن، وإعادة البناء».



 شرطي الشرق الأوسط

أضاف الرئيس الأميركي: «هل تريد الولايات المتحدة أن تكون شرطي الشرق الأوسط؟ وألا تحصل على شيء غير خسارة أرواح غالية وإنفاق آلاف تريليونات الدولارات لحماية أشخاص، لا يثمنون في مطلق الأحوال تقريبا ما نقوم به؟ هل نريد أن نبقى هناك إلى الأبد؟ حان الوقت أخيرا لكي يقاتل الآخرون».

وكان البيت الأبيض، قد أعلن، مساء أول من أمس، بدء سحب القوات الأميركية من سورية. وقال إن «الانتصار على داعش في سورية لا يعني نهاية التحالف العالمي أو حملته».

وصرح مسؤول أميركي بأن عملية سحب القوات الأميركية من سورية ستستغرق من 60 إلى 100 يوم، موضحا أن سحب كافة القوات الأميركية من سورية «سيكون مع آخر عملية ضد تنظيم داعش».



مخاوف سورية الديمقراطية

أفادت قيادة قوات سورية الديمقراطية التي تضم وحدات حماية الشعب الكردية، في بيان، أن قرار انسحاب القوات الأميركية من سورية «سيؤثر سلبا على حملة مكافحة الإرهاب وسيعطي للإرهاب وداعميه ومؤيديه زخما سياسيا وميدانيا وعسكريا للانتعاش بحملة إرهابية معاكسة في المنطقة».

وأضاف البيان أن «معركة مكافحة الإرهاب لم تنته بعد، بالرغم من إعلان الرئيس الأميركي «دحر» التنظيم المتشدد».

وذكرت قوات سورية الديمقراطية، أن سحب القوات والمسؤولين الأميركيين من منطقتها ستكون له «تداعيات خطيرة»على الاستقرار العالمي.

وأورد البيان أن ذلك سيؤدي إلى «خلق فراغ سياسي وعسكري في المنطقة وترك شعوبها بين مخالب القوى والجهات المعادية».

وينتشر حاليا نحو ألفي جندي أميركي في شمال سورية، لا سيما من القوات الخاصة التي تشارك وتنسق القتال ضد تنظيم «داعش» وتدرب قوات سورية وكردية في المناطق المسترجعة منه.

 

تأثيرات واسعة

أجمعت تقارير على أن انسحاب القوات الأميركية من سورية سيكون له تأثيرات واسعة خصوصا في ميدان المعارك، إضافة إلى العديد من التداعيات الجيوسياسية، وقالت إنه إضافة لمخاوف قوات سورية الديمقراطية التي تضم وحدات الحماية الكردية سيما بعد التهديد التركي بشن هجوم واسع ضدها بالشمال السوري، فإنه مع انسحاب الولايات المتحدة، فإن ايران وروسيا، حليفتا النظام السوري، لم تظهرا أي مؤشرات على نيتهما الانسحاب.

ونقلت التقارير عن الدبلوماسي الدنماركي في معهد هدسون في واشنطن، يوناس باريلو-بلينسر، إن خطوة ترمب «ستجعل روسيا بالتأكيد وسيط القوة الخارجية في سورية». كما ذكر الدبلوماسي الأميركي السابق إيلان غولدنبرغ «أن تنظيما يخلف تنظيم داعش يمكن أن يظهر، مما يمكن أن يستدعي تدخلاً أميركيا جديدا».

 وقال السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام، إن تنظيم داعش لم يُهزم، وإن الانسحاب يمكن أن يعزز موقف إيران كما أنه يعتبر تخليا عن الحلفاء الأكراد.



 تهديد أوروبا

أشارت التقارير إلى أن تنظيم داعش خسر جميع الأراضي التي كان يسيطر عليها في سورية تقريبا، إلا أنه يعتقد أن لديه آلافًا من الأنصار الذي يشنون هجمات في الخارج وغالبا ما يتغلغلون بين السكان المحليين في أوروبا.

وكتب رئيس وزراء بلجيكا السابق غاي فيرهوفشتات «كعادتها فإنها (الولايات المتحدة) تترك الأوروبيين في وضع أكثر صعوبة، ويظهر أنه من الخطأ تماما عدم امتلاكنا قوة دفاعية قادرة على المساعدة في إحداث الاستقرار في الدول المجاورة»، وسط دعوات تقودها فرنسا لإنشاء جيش أوروبي منفصل عن حلف شمال الأطلسي.

 من جانبه، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التعهد بـ»الدفاع عن إسرائيل»، في إشارة إلى الضربات الإسرائيلية التي استهدفت حزب الله الشيعي اللبناني وأهداف إيرانية في سورية.



تباين الآراء

وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القرار الأميركي بالانسحاب من سورية، بالخطوة الصائبة. وقال خلال مؤتمره الصحفي السنوي في موسكو، أمس، «إن الوجود العسكري الأميركي في سورية غير شرعي»، مشيرا إلى أنه ليس هناك حاجة للوجود العسكري الأميركي في سورية.

إلا أنه أضاف: «حتى الآن لا أرى مؤشرات على أي انسحاب، لكننا نفترض أن هذا أمر ممكن».

وتابع قائلاً: «للولايات المتحدة حضور في أفغانستان منذ 17 عاما، وكل عام يتحدثون عن الانسحاب من هناك، لكنهم ما زالوا موجودين».

من جانبها، اعتبرت برلين، أمس، أن القرار الأميركي بالانسحاب الأحادي الجانب من سورية يمكن أن يضر بالمعركة ضد تنظيم داعش وأن «يهدد النجاح الذي سُجّل حتى الآن» ضد التنظيم.

وقال وزير الخارجية الألماني هيكو ماس في بيان «لقد تراجع تنظيم داعش، لكن التهديد لم ينته بعد. هناك خطر من أن قرار (ترمب) قد يضر بالقتال ضد التنظيم ويهدد ما تم تحقيقه حتى الآن».