شدد خبراء مختصون بالقانون الدولي في تصريحات إلى «الوطن»، على أن إخفاء السلطات التركية المعلومات المتعلقة بقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول، مع عدم تزويدها النيابة العامة في السعودية بالأدلة والقرائن التي لديها، يثير الشكوك بإمكانية تورط الجانب التركي في اخفاء بعض الحقائق، مؤكدين أن سلوك أنقرة في إخفاء معلومات القضية مخالف تماما للقانون الدولي.

 






أكد خبراء مختصون في القانون الدولي أن مماطلة الجانب التركي تزويد السلطات السعودية بالأدلة والقرائن التي لديها في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي بإسطنبول سيسهم في حجب الحقيقة وعدم مساعدة الجانب السعودي في استكمال إجراءات التحقيق، حيث وقعت الجريمة في دولة تركيا وعلى ادعاء سلطاتها الأمنية إظهار كافة الأدلة المتعلقة بالقضية،

وكشف الخبراء في تصريحات لـ»الوطن» أن السعودية أثبتت استمرار التحقيق في القضية جنائيا بينما ما زالت تركيا تلجأ للتعامل مع القضية إعلامياً فقط.

وكان النائب العام قد أعلن في بيان له، أول من أمس، أنه إلحاقا للبيانات السابقة التي أصدرتها النيابة العامة في قضية مقتل المواطن جمال أحمد حمزة خاشقجي، والصادرة في أكتوبر ونوفمبر الماضيين، فقد عقدت الجلسة الأولى بالمحكمة الجزائية بمدينة الرياض للمتهمين من قبل النيابة العامة في القضية المذكورة، مبينا أنه «في إطار التحقيقات تم إرسال مذكرتي إنابة قضائية إلى النيابة العامة بجمهورية تركيا، إضافة إلى ما سبق أن تم بعثه بطلب ما لديهم من الأدلة والقرائن المتعلقة بهذه القضية والتي لم يرد عليها أي إجابة حتى تاريخه ولا تزال النيابة العامة بانتظار ما يرد منهم جوابا على ذلك».


إظهار الأدلة والقرائن

أوضح الخبير القانوني خالد الفاخري، أن على السلطات الأمنية التركية إظهار الأدلة والقرائن من أجل إثبات الحقيقة ومساعدة الجهات السعودية المبادرة للإسراع في توجيه الاتهامات للمتورطين، مشيرا إلى أن الأدلة مازالت تعتبر ناقصة من أجل استكمال التحقيقات اللازمة وإعاقة القضية من الجانب التركي قد تؤدي إلى نقصان الأدلة وتوجيه الإدانة للمتهمين.

وقال الفاخري، إنه يفترض على الجانب التركي في حال سعيهم لتأصيل مبادئ حقوق الإنسان المساهمة في إظهار الحقيقة بعد أن بادرت النيابة العامة في التواصل مع الطرف التركي ومطالبتها عدة مرات بتزويدها بالأدلة والقرائن حتى تتمكن الجهات السعودية المختصة من استكمال إجراءاتها النظامية.

وأفاد بأن معيار العدالة واضح بعد أن بادرت السعودية متابعة القضية والتحرك السريع لكشف خيوط وملابسات الجريمة ومعرفة المتسببين فيها، ورغم ذلك هناك إعاقة واضحة من الجانب التركي في كشف الحقائق وحجب المعلومات، لافتا إلى أن الشك قد يؤدي إلى تورطهم في الجريمة والسبب حجب المعلومات عن جهات التحقيق وعدم إظهار دورهم في القضية.


لا تعاون

قال القاضي السابق بديوان المظالم والمستشار القانوني محمد الجذلاني، إنه لا يمكن أن تتوقع الجهات العدلية السعودية من الجانب التركي أي تعاون مثمر في هذه القضية، مبينا أن الجهات العدلية من النيابة العامة والقضاء الشرعي ستواصل النظر في هذه القضية على ضوء ما يتوفر لديها من أدلة وقرائن وستتوخى تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة في نظر هذه القضية على وفق ما تقتضي به أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة السعودية.

ولفت الجذلاني إلى أنه من المحتمل أن تتعمد تركيا إخفاء ما قد يكون توافر لديها من بعض الأدلة التي لا يمكن الجزم بمدى تأثيرها على نتائج القضية، لكن لا يمكن للجهات العدلية السعودية تعطيل قضية مثل هذه القضية أو أن تعتمد على معلومات غير ثابتة قد تكون غير موجودة أصلاً.

 


ابتزاز الرياض


يرى أستاذ القانون الدولي العام، الدكتور كريم محمد الصباغ، أن تركيا تريد تضخيم ورقة جمال خاشقجي لابتزاز الرياض بصفقة رابحة، إلا أنه وفقا للقانون الدولي يقع على عاتق تركيا التزامات في هذا الشأن منها: طيّ صفحة التحقيقات الميدانية والتعاون مع السعودية في المعلومات التي تحت يديها لضمان سير العدالة الجنائية لتبدأ مرحلة المحاكمة للجناة.

وأكد الصباغ أن تركيا تريد ابتزاز السعودية عبر مختلف تفاصيل القضية، إلا أن القانون الدولي يلزم البلدين بضرورة التعاون الثنائي في سير التحقيقات وتوحيدها وعدم تضاربها طالما مسؤوليات وظروف هذه الجريمة لم تُكشف بعد ولم تُعلن ولم تُقيّم، من أجل الحصول على الحقيقة.


تصرف غير مقبول


بين المتخصص بالقانون الدولي والعلاقات الدولية مشعل الشعلان، أن الحكومة التركية أظهرت تصرفاً غير مقبول بالبحث عن الإثارة الإعلامية والابتزاز السياسي للسعودية بعملها على تسييس قضية جمال خاشقجي بدلاً من الحرص على تحقيق العدالة، حيث أثبتت السعودية استمرار التحقيق في القضية جنائيا، بينما ما زالت تركيا تلجأ للتعامل مع القضية إعلامياً فقط.

وأضاف أنه كان من الأجدى على الحكومة التركية التعاون مع التحقيقات السعودية خاصة بعد تشكيل فريق تحقيق سعودي للمشاركة مع الجانب التركي «والسماح بتفتيش مبنى القنصلية السعودية وسكن القنصل»، وكذلك إرسال النائب العام السعودي لإسطنبول لاستجلاء الحقائق التي يمتلكها الجانب التركي، بالإضافة إلى القبض على عدد من المتهمين في القضية وإعفاء بعض المسؤولين.

 


اختصاص سعودي


 ذكر أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعية المصرية للقانون الدولي الدكتور ماهر ابواخوات، أن مقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية تعتبر جزءا من إقليم الدولة في الخارج، وتتمتع هذه المقار بحماية من جانب الدولة التي تقع على أراضيها وبحصانة فلا يجوز دخولها إلا بعد استئذان رئيس البعثة، وهو ما تنص عليه المادة 31 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963م.

وأضاف أنه بتطبيق ذلك على قضية خاشقجي نجد أن الاختصاص الأصيل بالمحاكمة عن تلك الجريمة يكون للسعودية بحسبان أن القنصلية السعودية في تركيا تعتبر جزءا من المملكة، كما أن القتيل والمتهمين هم ممن يحملون جنسيتها، ومن حق المملكة أن تطلب من تركيا أي معلومات عن هذه القضية وذلك انطلاقا من مبدأ التعاون القضائي الدولي بين الدول.

وذكر الدكتور ماهر ابواخوات، أنه في حال الإخلال بذلك يكون من حق السعودية عدم التعاون مع تركيا في المسائل القضائية على أساس مبدأ المعاملة بالمثل، كما يمكن للسعودية تصعيد الأمر لو تبين لها تعمد تركيا إخفاء الأدلة بأن تقدم للمؤسسات الدولية والمجتمع الدولي ما يفيد ذلك لكي تضع تركيا في محل الاستنكار الدولي وتحميل تركيا المسؤولية الدولية في ذلك.

 


 


مخالفة القانون الدولي


أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية الدكتور محمود عزام، أن عدم تعاون أنقرة في التحقيقات كما أعلن النائب العام السعودي مخالفة واضحة للقانون الدولي الذي يلزم الدول بالتعاون واتخاذ إجراءات على الصعيد الدولي بغية تأمين ملاحقة ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مبينا أن الدول تتعاون بعضها مع بعض في جمع المعلومات والدلائل التي من شأنها أن تساعد على تقديم الأشخاص المتهمين إلى المحاكمة، وتتبادل هذه المعلومات، وهو ما يثبت مخالفة تركيا للمواثيق ومبادئ القانون الدولي والأمم المتحدة.




 


أسباب الشكوك


السعودية تابعت القضية لكشف خيوط وملابسات الجريمة ومعرفة المتسببين فيها


هناك إعاقة واضحة من الجانب التركي في كشف الحقائق وحجب المعلومات



عدم تعاون أنقرة في التحقيقات يعتبر مخالفة واضحة للقانون الدولي

 


تتعمد تركيا إخفاء بعض الأدلة بما يؤثر على نتائج القضية